الْفُقَيْمِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي حَدِيثِ الزِّنْدِيقِ، وَ كَانَ مِنْ قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام): لَا يَخْلُو قَوْلُكَ إِنَّهُمَا اثْنَانِ، مِنْ أَنْ يَكُونَا قَوِيَّيْنِ أَوْ يَكُونَا ضَعِيفَيْنِ أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا قَوِيّاً وَ الْآخَرُ ضَعِيفاً، فَإِنْ كَانَا قَوِيَّيْنِ، فَلِمَ لَا يَدْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَ يَتَفَرَّدُ بِالتَّدْبِيرِ؟
وَ إِنْ زَعَمْتَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَوِيٌّ وَ الْآخَرَ ضَعِيفٌ، ثَبَتَ أَنَّهُ وَاحِدٌ كَمَا نَقُولُ لِلْعَجْزِ الظَّاهِرِ فِي الثَّانِي
فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّهُمَا اثْنَانِ، فَلَا يَخْلُوَ مِنْ أَنْ يَكُونَا مُتَّفِقَيْنِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَلَمَّا رَأَيْنَا الْخَلْقَ مُنْتَظِماً وَ الْفَلَكَ جَارِياً وَ التَّدْبِيرَ وَاحِداً، وَ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ، دَلَّ صِحَّةُ الْأَمْرِ وَ التَّدْبِيرِ وَ ائْتِلَافُ الْأَمْرِ عَلَى أَنَّ الْمُدَبِّرَ وَاحِدٌ.
ثُمَّ يَلْزَمُكَ إِنِ ادَّعَيْتَ اثْنَيْنِ، فُرْجَةٌ مَا بَيْنَهُمَا حَتَّى يَكُونَا اثْنَيْنِ فَصَارَتِ الْفُرْجَةُ ثَالِثاً بَيْنَهُمَا قَدِيماً مَعَهُمَا فَيَلْزَمُكَ ثَلَاثَةٌ فَإِنِ ادَّعَيْتَ ثَلَاثَةً لَزِمَكَ مَا قُلْتُ فِي الِاثْنَيْنِ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ فَيَكُونُوا خَمْسَةً ثُمَّ يَتَنَاهَى فِي الْعَدَدِ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فِي الْكَثْرَةِ.
قَالَ هِشَامٌ: فَكَانَ مِنْ سُؤَالِ الزِّنْدِيقِ أَنْ قَالَ: فَمَا الدَّلِيلُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام): وُجُودُ الْأَفَاعِيلِ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ صَانِعاً خَلَقَهَا، أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى بِنَاءٍ مُشَيَّدٍ مَبْنِيٍّ عَلِمْتَ أَنَّ لَهُ بَانِياً وَ إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرَ الْبَانِيَ وَ لَمْ تُشَاهِدْهُ قَالَ: فَمَا هُوَ؟ قَالَ: شَيْءٌ بِخِلَافِ الْأَشْيَاءِ ارْجِعْ بِقَوْلِي إِلَى إِثْبَات مَعْنًى وَ أَنَّهُ شَيْءٌ بِحَقِيقَةِ الشَّيْئِيَّةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا جِسْمٌ وَ لَا صُورَةٌ وَ لَا يُحَسُّ وَ لَا يُجَسُّ [1] وَ لَا تُدْرِكُهُ الْحَوَاسُّ الْخَمْسُ [2]
وَ لَعَلَّ الْمُرَادُ بالزنديق هُوَ الَّذِي كَانَ بِمِصْرَ، فَخَرَجَ فِي طَلَبِ ابي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) كَمَا فِي الْحَدِيثِ 1، مِنْ نَفْسٍ الْبَابِ مِنْ الْكَافِي، وَ هَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ فِي الْكَافِي بِعَيْنِ السَّنَدِ، مُقَطَّعاً فِي ابواب مُخْتَلِفَةٍ، مِنْهَا فِي الْبَابِ اللاحق، الْحَدِيثَ 6، وَ مِنْهَا فِي 1/ 108 وَ 1/ 168. وَ قَدْ رَوَى فِي الْفُصُولِ قِطَعاً مِنْ الْحَدِيثَ فِي 1/ 13 وَ 1/ 14 وَ 3/ 10 وَ 4/ 15 وَ 3/ 23 وَ 4/ 26.
[1] الجس، الْمَسِّ بِالْيَدِ، سَمِعَ مِنْهُ (مَ).
[2] هُنَّ السامعة وَ الباصرة وَ الذايقة وَ الشَّامَةِ وَ اللامسة، سَمِعَ مِنْهُ (مَ).