لَا تُدْرِكُهُ الْأَوْهَامُ وَ لَا تَنْقُصُهُ الدُّهُورُ وَ لَا تُغَيِّرُهُ الْأَزْمَانُ.
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّبْرِسِيُّ فِي الِاحْتِجَاجِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، نَحْوَهُ إِلَى قَوْلِهِ: عَلَى أَنَّ الْمُدَبِّرَ وَاحِدٌ.
[31] 2- وَ عَنْ هِشَامٍ، أَنَّهُ سَأَلَ الزِّنْدِيقُ، الصَّادِقَ (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ: أَنَّ اللَّهَ لَمْ تَزَلْ مَعَهُ طِينَةٌ مُؤْذِيَةٌ، فَلَمْ يَسْتَطِعِ التَّفَصِّيَ [1] مِنْهَا إِلَّا بِامْتِزَاجِهِ بِهَا وَ دُخُولِهِ فِيهَا وَ مِنْ تِلْكَ الطِّينَةِ خَلَقَ الْأَشيَاءَ؟
قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَ تَعَالَى مَا أَعْجَزَ إِلَهاً يُوصَفُ بِالْقُدْرَةِ، لَا يَسْتَطِيعُ التَّفَصِّيَ مِنَ الطِّينَةِ إِنْ كَانَتِ الطِّينَةُ، حَيَّةً أَزَلِيّةً فَكَانَا إِلَهَيْنِ قَدِيمَيْنِ فَامْتَزَجَا وَ دَبَّرَا الْعَالَمَ مِنْ أَنْفُسِهِمَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَمِنْ أَيْنَ جَاءَ الْمَوْتُ وَ الْفَنَا؟ وَ إِنْ كَانَتْ الطِّينَةُ، مَيِّتَةً، فَلَا بَقَاءَ لِلْمَيِّتِ مَعَ الْأَزَلِيِّ الْقَدِيمِ وَ الْمَيِّتُ لَا يَجِيءُ مِنْهُ حَيٌّ، هَذِهِ مَقَالَةُ الدَّيْصَانِيَّةِ أَشَدِّ الزَّنَادِقَةِ قَوْلًا وَ أَهْمَلِهِمْ مَثَلًا، نَظَرُوا فِي كُتُبٍ صَنَّفَتْهَا* أَوَايِلُهُمْ [2] وَ حَبَّرُوهَا بِأَلْفَاظٍ مُزَخْرَفَةٍ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ ثَابِتٍ وَ لَا حُجَّةٍ تُوجِبُ إِثْبَاتَ مَا ادَّعَوْا، كُلُّ ذَلِكَ خِلَافاً عَلَى اللَّهِ وَ رُسُلِهِ، وَ تَكْذِيباً بِمَا جَاءُوا بِهِ عَنِ اللَّهِ.
فَأَمَّا مَنْ زَعَمَ: أَنَّ الْأَبْدَانَ ظُلْمَةٌ وَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ نُورٌ وَ أَنَّ النُّورَ لَا يَعْمَلُ الشَّرَّ وَ الظُّلْمَةَ لَا تَعْمَلُ الْخَيْرَ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَلُومُوا أَحَداً عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَ لَا رُكُوبِ حُرْمَةٍ وَ لَا إِتْيَانِ فَاحِشَةٍ، وَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الظُّلْمَةِ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ فِعْلُهَا، وَ لَا لَهُ أَنْ
[1] 2- الِاحْتِجَاجَ، 2/ 233، بَابُ وَ مِنْ سُؤَالِ الزِّنْدِيقِ ... فِي رَدَّهُ عَلَى مَقَالَةِ اصحاب التناسخ.
الْبِحَارُ، 10/ 144، الْبَابِ 13. بَابُ احتجاجات الصَّادِقِ (عليه السلام) عَلَى الزَّنَادِقَةِ، الْحَدِيثَ 2، [مَوْضِعٍ الْحَاجَةِ: 177].
فِي الْمَصْدَرُ: وَ امهنهم مِثْلًا ...، فِي الحجرية: وَ لَا رُكُوبِ حُرْمَتَهُ.
[2] 1 اي الْخَلَاصَ مِنْ الطِّينَةِ، سَمِعَ مِنْهُ (مَ).
[3]* فِي الحجرية: صَنَعْتَهَا.
[4] 2 يَعْنِي عُلَمَائِهِمْ وَ فُقَهَائِهِمْ، سَمِعَ مِنْهُ (مَ).