نام کتاب : موسوعة كربلاء نویسنده : لبيب بيضون جلد : 1 صفحه : 505
خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة. و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف!. و خير لي مصرع أنا لاقيه. كأني بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس [1] و كربلا، فيملأن مني أكراشا جوفا و أجربة سغبا [2]. لا محيص عن يوم خطّ بالقلم. رضا اللّه رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه و يوفّينا أجور الصابرين. لن تشذّ عن رسول اللّه لحمته، بل هي مجموعة له في حظيرة القدس [3]، تقرّبهم عينه، و ينجز بهم وعده. ألا و من كان فينا باذلا مهجته، موطّنا على لقاء اللّه نفسه فليرحل معنا، فإني راحل مصبحا إن شاء اللّه تعالى.
595- نصيحة عمر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام المخزومي للحسين (عليه السلام) بالعدول عن المسير إلى العراق:
(مقتل الخوارزمي، ج 1 ص 215)
دخل عمر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام المخزومي على الحسين (عليه السلام) و قد عزم على المسير إلى العراق، فقال: يابن رسول اللّه أتيتك لحاجة أريد أن أذكرها لك، و أنا غير غاشّ لك فيها، فهل لك أن تسمعها؟. فقال (عليه السلام): قل ما أحببت، فقال: أنشدك اللّه يابن عم ألا تخرج إلى العراق، فإنهم من قد عرفت، و هم أصحاب أبيك، و ولاتهم عندهم، و هم يجبون البلاد، و الناس عبيد المال، و لا آمن أن يقاتلك من كتب إليك يستقدمك. فقال الحسين (عليه السلام): سأنظر فيما قلت، و قد علمت أنك أشرت بنصح، و مهما يقض اللّه من أمر فهو كائن البتة، أخذت برأيك أم تركت.
[1] النواويس: أرض تقع شمال غربي كربلاء. و النواويس جمع ناووس: و هو من القبر ما سدّ لحده. و كانت بها مجموعة مقابر للنصارى و الأنباط، و اليوم يقال لها أراضي الجمالية.
و قيل: إنها في المكان الّذي فيه مزار الحر بن يزيد الرياحي. و عسلان الفلوات: ذئابها.
و الأوصال: الأعضاء.
[2] الأكراش: جمع كرش. و جوفا: أي واسعة. و الأجربة: الأوعية. و السّغب: الجائعة.
و هذا الكلام كناية عن قتله (عليه السلام) و نبذه بالعراء و تركه عرضة لما ذكر. و المعنى هنا مجازي، إذ أن جسم المعصوم لا تقربه الوحوش و لا تمسّه بسوء. و المعنى أنه (عليه السلام) ستقتله عصابة و تسلبه، و توزّع أهله و تسبي نساءه و أولاده، عصابة هي أشبه ما تكون بذئاب الفلوات الجائعة، تقطّع أوصال القتيل و تبعثر أعضاءه. و كنّى (عليه السلام) عن أهله و أولاده بالأوصال، لأن صلتها به تنقطع بوفاته.