و لمّا عزم على الخروج إلى العراق، حين كاتبه أهل الكوفة و راسلوه، أتاه عبد اللّه بن عمر (رضما) فقال له: يا ابن بنت رسول اللّه أين تريد؟ قال: «أريد العراق» قال: إنّ رسول اللّه خيّر بين الدنيا و الآخرة فاختار الآخرة، و إنّه لن ينالها أحد منكم، فارجع [1]، فأبى، فاعتنقه و قال له: أستودعك اللّه من مقتول، و السّلام [2].
- خطب الحسن بن عليّ بالكوفة فقال: «اعلموا يا أهل الكوفة أنّ الحلم .. و مجالسة أهل الدناءة شين و مخالطة أهل الفسق ريبة»، و لم يرد فيه «و الصلة .. صلف»، و نحوه في معدن الجواهر للكراجكي: ص 63.
[1]- هذا كان مبلغ علمهم لا يميّزون بين الإصلاح و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الجهاد في سبيله و بين طلب الدنيا و الحكم و الرئاسة، فضلا عن عامة النّاس الذين لم يكونوا يفكرون في القضايا الاجتماعية و السياسيّة بتاتا، و لم يكن يهمهم من الدنيا إلّا ضمان مصالحهم الشخصيّة بأيّ وجه كان، فلذلك كانت ثورة أبي الأحرار الحسين بن عليّ ثورة على القيم الفاسدة و ثورة على الهزيمة النفسيّة التي لحقت بالمسلمين جرّاء ركونهم إلى الدنيا و انصياعهم للطواغيت و شذوذ الأحزاب و بقيّة الجاهليّة، و ستأتي قريبا خطبة الحسين (عليه السلام) و بيانه لأسباب قيامه و نهضته و أنّه كان عالما بما ستؤول إليه الأحداث من قتل و أسر و اضطهاد، و لم يكن خروجه لكسب شيء من حطام الدنيا الزائلة، بل كان خروجه لإثارة العزة و الأنفة في نفوس المسلمين حتّى يكتسبوا سعادة الدارين، و قدّمنا انفا بالهامش رسالة الحسين (عليه السلام) إلى رأس الفئة الباغية معاوية و تعديده عليه ما ارتكبه بحقّ الاسلام و المسلمين من جرائم، فلاحظ ما تقدّم بالهامش في موضوع صلح الحسن (عليه السلام).
[2]- و نحو هذا الخبر في نظم درر السمطين: ص 214، و تاريخ دمشق: ح 246- 248 و ح 256، و مقتل الحسين للخوارزمي: 1/ 192، و المعجم الأوسط 1/ 355: 601 ترجمة أحمد بن القاسم، صحيح ابن حبان 15/ 424: 6968، كشف الأستار: 2643-