نام کتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 38
تأثير البيان الديني في نفوس الناس ، وتعويده لهم السماحة في ألذّ الأشياء وأعزِّها عندهم ، وهي الحياة وما في تلوها ، ولولا أنّ البحث قرآني لأوردنا طرفاً من الأمثلة التاريخية فيه .
ـ 8 ـ
الأجر الأخروي غاية المجتمع
ربَّما يتوهَّم المتوهِّم أنَّ جعل الأجر الأخروي ـ وهو الغرض العام في حياة الإنسان الاجتماعية ـ يوجب سقوط الإغراض الحيوية التي تدعو إليه البنية الطبيعية الإنسانية ، وفيه فساد نظام الاجتماع ، والانحطاط إلى منحطِّ الرهبانية ، وكيف يمكن الانقطاع إلى مقصد من المقاصد مع التحفُّظ على المقاصد المهمة الأُخرى ؟ وهل هذا إلاَّ تناقض ؟
لكنّه توهُّم ساذح ، في الجهل بالحكمة الإلهية والأسرار التي تكشفت عنها المعارف القرآنية ؛ فإنّ الإسلام يبني تشريعه على أصل التكوين ـ كما مرَّ ذكره مراراً في المباحث السابقة من هذا الكتاب ـ قال تعالى : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ... )[1] .
وحاصله : أنَّ سلسلة الأسباب الواقعية التكونية ، تعاضدت على إيجاد النوع الإنساني في ذيلها ، وتوفّرت على سَوْقِه نحو الغاية الحيوية التي هُيّأت له ، فيجب له أن يبني حياته في ظرف الكدح والاختيار على موافقة الأسباب فيما تريد منه وتسوقه إليه ؛ حتى لا تناقضها حياته فيؤدِّيه ذلك إلى الهلاك والشقاء ، وهذا ( لو تفهمه المتوهِّم ) هو الدين الإسلامي بعينه ، ولمَّا كان هناك فوق الأسباب سبب وحيد ـ هو الموجِّه لها المدبِّر لأمرها فيما دقَّ وجلَّ وهو الله سبحانه الذي هو السبب التام فوق كل سبب بتمام معنى الكملة ـ