وفي الواقع : أنّ هذا النصّ أكثر النصوص السابقة غرابة ؛ إذ يعتبر فيها (ماو تسي تونغ) الحرب كائناً حقيقياً ينطوي على النقيضين ، على النصر والهزيمة ، مع أنّ هذا المفهوم عن الحرب لا يصحّ إلاّ في ذهنية بدائية ، تعوّدت على أخذ الأشياء في إطارها العام . فالحرب في التحليل الفلسفي عبارة عن كثرة من الحوادث ، لم تتوحّد إلاّ في أسلوب التعبير . فالنصر غير الهزيمة ، والجيش المنتصر غير الجيش المنهزم ، والوسائل أو نقاط القوّة التي مهّدت للانتصار ، غير الوسائل أو نقاط الضعف التي أدّت إلى الهزيمة . والنتائج الحاسمة التي أدّت إليها الحرب ، لم تكن بسبب صراع ديالكتيكي وتناقضات موحّدة ، بل بسبب الصراع بين قوّتين خارجيّتين ، وغلبة إحداهما على الأخرى .
7 ـ تناقضات الحكم ، كما يحدّث عنها (كيدروف) قائلاً :
(أيّاً ما كانت بساطة حكم مّا ، ومهما بدا عادياً هذا الحكم ، فهو يحتوي على بذور أو عناصر تناقضات ديالكتية ، تتحرّك وتنمو داخل نطاق المعرفة البشرية كلّها) [1] .
ويؤكّد على ذلك (لينين) في قوله :
(البدء بأيّة قضية كانت ، بأبسط القضايا ، وأكثرها عادية وشيوعاً ... أوراق الشجر خضراء ، إيفان هو رجل ، (جوتشكا) هي كلبة ... فحتّى هنا ـ أيضاً ـ ديالكتيك . فالخاصّ هو عامّ ... يعني : أنّ الأضداد ـ والخاصّ هو ضدّ العامّ ـ هي متماثلة ، وحتّى هنا أيضاً ثمََّة مبادئ أوّلية ، ثَمَّة مفاهيم ضرورة ، ثَمَّة صلة موضوعية للطبيعة ... فالعرضي