مضطرّين إلى التأكيد على أنّ قانون (نيوتن) هذا لا يبرّر التناقضات الديالكتيكية بلون من الألوان ؛ لأنّ الفعل وردّ الفعل قوّتان قائمتان بجسمين ، لا نقيضان مجتمعان في جسم واحد . فعجلتا السيّارة الخلفيّتان تدفعان الأرض بقوّة ، وهذا هو الفعل . والأرض تدفع عجلتي السيّارة بقوّة أخرى مساوية في المقدار ومعاكسة في الاتّجاه للأُولى ، وهذا هو ردّ الفعل ، وبسببه تتحرّك السيارة . فلم يحتوِ الجسم الواحد على دفعين متناقضين ، ولم يقم في محتواه الداخلي صراع بين النفي والإثبات ، بين النقيض والنقيض ، بل السيارة تدفع الأرض من ناحية ، والأرض تدفع السيارة من ناحية أخرى ، والديالكتيك إنّما يحاول أن يشرح كيفية نموّ الأشياء وحركتها باحتوائها داخلياً على قوّتين متدافعتين ، ونقيضين متخاصمين ، يصارع كلّ منهما الآخر لينتصر عليه ، ويبلور الشيء تبعاً له ، وأين هذا من قوّتين خارجيتين يتولّد من إحداهما فعل خاصّ ، ومن الأخرى ردّ الفعل ؟ ونحن نعرف جميعاً أنّ الزخمين المتعاكسين اللذين يولّدهما الفعل وردّ الفعل ، يقومان في جسمين ، ولا يمكن أن يكونا في جسم واحد ؛ لأنّهما متعاكسان ومتنافيان ، وليس هذا إلاّ لأجل مبدأ عدم التناقض .
6 ـ تناقضات الحرب التي يعرضها (ماو تسي تونغ) في قوله :
(والواقع : أنّ الهجوم والدفاع في الحرب ، والتقدّم والتراجع ، والنصر والهزيمة ، كلّها ظواهر متناقضة ، ولا وجود للواحدة من دون الثانية . وهذان الطرفان يتصارعان ، كما أنّهما يتّحدان ببعضهما فيؤلّفان مجموع الحرب ، ويفرضان تطوّرها ، ويحلاّن مشكلاتها) [1] .