و الثالثة: التعدّي عن مورد الأخيار، و هو غبن المسترسل الى غبن غيره، و هو الذي أقدم على معاملة من دون استرسال أخيه، لعموم المدعى و هو ثبوت الخيار في الصورتين.
و الدليل مختص بالأول، فلا بد من التعدّي عن مورده الى غيره، و إثبات تلك المقدمات دونه خرط القتاد.
و لكن الإنصاف عدم تمامية تلك الأخبار لإثبات المدعى، فان ما عدا الأول ظاهر في حرمة الخيانة في المشاورة، مضافا الى أنه يأتي فيه ما يأتي في الأول من المحاذير و الاحتمالات التي هي خارجة عن الاستدلال. و أما الأول: فهو و ان كان ظاهرا في الأموال لكن يحتمل ارادة كون الغابن بمنزلة آكل السحت في استحقاق العقاب على أصل العمل و هي الخديعة في أخذ المال. و يحتمل ارادة خصوص كون المقدار الزائد سحتا، و يحتمل ارادة كون المجموع كذلك.
و من البين: أن المدعى انما يتم بالأخير و لا يعين به بعد تطرق الاحتمالين الأولين مضافا الى ما عرفت من توقف الاستدلال به على المقدمات المزبورة التي يصعب على المستدل إثباتها قصوى الصعوبة.
ثم انه يعتبر في هذا الخيار شرطان:
الشرط الأول: جهل المغبون بالقيمة
فلو علم، فلا خيار بلا اشكال و لا خلاف، بل لا غبن لما عرفت من أخذ الجهل بالقيمة في موضوعه لغة و اصطلاحا، و هل يثبت الخيار للجاهل مطلقا، أو يفصل بين أقسامه؟ وجهان يأتي الإشارة إليهما بعد ذكر الأقسام المتصورة للجهل: