المعنى حينئذ: أن الافتراق مسقط لكونه كاشفا عن الرضاء فالحكم بكون الافتراق مسقطا انما هو من جهة كونه كاشفا عن الرضا فالمسقط حقيقة هو كل فعل و حركة يكون كاشفا عن الرضا، فدار الأمر مداره فكل تفرق إذا كان كاشفا عن الرضا فمسقط للخيار و الا فلا، كما هو الحال في المنصوص العلة.
و ثانيهما: أن البيّعين مع التمكن من التخاير إذا افترقا و لو عن إكراه يكون تفرقهما حينئذ كاشفا عن رضاهما و التزامهما بالعقد، لأنهما لو لم يكونا راضيين لكان لهما الفسخ، إذ المفروض: تمكنهما من الفسخ و الإمضاء، فيكون ذلك التفرق منهما دليلا و كاشفا عن الرضا و لو وقع عن كره، كما هو صريح عبارة الشيخ في «المبسوط»- المتقدمة ذكرها- فيكون مشمولا للصحيحة المذكورة في عدم الخيار عند التمكن.
و الحاصل أن تمامية مذهب المشهور تتوقف على دعويين: كبروية و صغروية أما الكبرى: هي أن تكون العبرة في سقوط الخيار على الكاشف عن الرضا، لدلالة الصحيحة المذكورة على أن كل كاشف عن الرضا مسقط للخيار. أما الصغرى: فلان هذا التفرق الإكراهي مع التمكن عن التخاير كاشف عن الرضا.
و فيه: أن كلا المقدمتين محل نظر و منع.
أما الأولى: فلمنع ظهور الصحيحة في كونها من قبيل نصوص العلة، و كونها مسوقة لبيان أن الافتراق مسقط، لكونه كاشفا عن الرضا، كيف و قد عرفت فيه من الاحتمالات الأربعة الأخر، و ليس ارادة هذا الاحتمال أولى و أظهر من ارادة الاحتمال الرابع الذي يدل على أن الافتراق الإكراهي لا أثر له على الإطلاق سواء تمكّن- من التخاير أم لا، بل المتعين بحسب الاستدلال السابق هو ذلك.
فيكون المعنى: الافتراق إذا رضي به البيع مسقط، و ان لم يكن راضيا به لا يسقط به الخيار سواء تمكن من التخاير أم لا. فتكون دلالة الصحيحة على عدم تأثير