عدم تمكنه من الإمضاء أيضا لا يسقط الخيار لأنهما من واد واحد، فلو تفرقا ساكتين عند عدم التمكن من الفسخ لا يدل على الإمضاء و الرضا، فيبقى الخيار كذلك لو تفرقا ساكتين عند عدم التمكن من الإمضاء لا يدل أيضا على الإمضاء و الرضا لعدم دلالة سكوتهما على الرضا، لاحتمال التروّي و التردد منهما. و هذا واضح، خصوصا عند علمهما بأن الافتراق الإكراهي بمنزلة عدمه عند الشارع.
و العجب من شيخنا الشهيد (قده) بعد ما ذكر في «المسالك» أن المراد بالتخاير اختيار العقد و البقاء عليه. قال هنا ما هذا كلامه: و اعلم أن قيد التخاير هنا كناية عن الفسخ لأن إلزام العقد و اختياره لا يتوقف على الكلام، بل لو تفرقا ساكتين لزم و انما يتوقف عليه الفسخ، فيكون المنع معتبرا فيه لا في التخاير.
و فيه: عند عدم تمكنهما من الإمضاء و الالتزام لو سلمنا كونهما بمنزلة الساكتين أن سكوتهما حينئذ لا يدل على الالتزام و الإمضاء لا شرعا و لا عرفا لاحتمال كونهما مترددين أو متروّيين، أو أنهما عالمين بأن افتراقهما عن إكراه، نزله الشارع منزلة العدم فيبقى خيارهما، فلا يختاران الإمضاء و لا الفسخ. فظهر أن المراد من التخاير هنا هو اختيار الفسخ و الإمضاء، أي العمل على مقتضى الخيار من الإلزام و الفسخ.
اما المقام الثالث [في حكمه]
فنقدمه على المقام الثاني حتى تتضح لك حقيقة الحال في أقسام التخاير. فنقول: ان في اعتبار عدم التمكن من التخاير قولين: فاشترط الشيخ و المحقق في «الشرائع» و الشهيد في «الروضة» عدم التمكن منه. و القول الثاني ما نسب الى أكثر المحققين من المتأخرين، منهم: بعض مشايخنا، و الفاضل النراقي في صريح «المستند» و الأردبيلي و صاحب «الجواهر». وجه القول الأول انما يتم بمقدمتين:
أحدهما: استفادة منصوص العلة من صحيحة الفضيل بأن يكون المراد من قوله (عليه السلام) (إذا افترقا فلا خيار بعد الرضا) هو الاحتمال الأخير الذي ذكرناه، فيكون