و قوله عليه السلام: «عجبت لمن أنكر النشأة الأخرى» إلخ، أي عجبت لمن أنكر النشأة الأخرى و إعادة الأبدان بعد عدمها مع اعترافه بالنشأة الأولى و هي الوجود الأوّل للخلق من العدم الصرف، و ظاهر أنّ هذا محلّ التعجّب، لأنّ الأخرى أهون، كما قال تعالى: «وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ» . [2]
هذا أمر وجده العارفون باللّه، فإنّ من عرف عظمة اللّه و جلاله و لحظ جميع المخلوقات بالقياس إليه حتّى علم مالها من ذواتها و هو الإمكان و الحاجة، علم أنّها في جنب عظمته عدم، و لا أحقر من العدم. و شدّة صغر المخلوق في اعتبار العارف بحسب درجته في عرفانه.
قيل لبعض العارفين: فلان زاهد، فقال، فيما ذا؟فقيل: في الدّنيا، فقال: الدّنيا لا تزن عند اللّه جناح بعوضة، فكيف يعتبر الزهد فيها؟