معانقا كان عناقي له # وراء أحشائي و الأضلع
عاقرني يشرب من مهجتي # ريّا، و يسقيني من أدمعي
هل تبلغنّي الدّار من بعدهم # على الطّوى جائلة الأنسع [1]
كأنّ مجرى النّسع في ذفّها # مضطرب الأيم على الأجرع [2]
تحملني و الشّوق في كورها، # أنّى دعاني طرب أسمع
إنّ بهاء الملك إن أدعه، # و الخطب قد نازلني، يمنع
ربّ زمام لي في ضمنه، # لم أتقوّله، و لم أدّع
مصطنعي و السّنّ في روقها، # أصاب منّي غرض المصنع [3]
لم أرض إلاّه، و من قبله # أقنعني الدّهر، و لم أقنع
أغرّ، إن روّع جيرانه # لم يذق الغمض، و لم يهجع
كأنّما الضّيم إليه سرى، # و هو على المطّلع الأمنع
في حسب أصبح وضّاحه # قد غلب الشّمس على المطلع
لئن نأى عنّا، فإحسانه # أدنى من النّاظر و المسمع
سوم الحيا أقلع عن أرضنا # و نحن في آثاره نرتعي [4]
كم نفحة منه على فاقة # تنبت عشب البلد البلقع
و نظرة تجبر وهن الفتى، # و عظمه منصدع ما وعي [5]
إذا قضى مرّ على نهجه، # و استوقف الحقّ على المقطع
كم طار في ملكك ذو نخوة # قالت له ريح المنايا: قع
إن شمخ اليوم بعرنينه، # فهو غدا يعطس عن أجدع
[1] الطوى: الجوع-جائلة الانسع: كناية عن الناقة، و الانسع جمع نسع و هو الحزام الذي يشد به رحل الناقة.
[2] الذف: الاسراع-الأيم: الحية-الأجرع: رملة مستوية لا تنبت شيئا.
[3] الروق: أول الشباب.
[4] سوم الحيا: رعاية الكلأ.
[5] الوهن: الضعف، الكسر.