يهلهل نسج ثوب من عجاج، # تشفّ وراء طرّته الشّفار
سترن الجوّ بالقسطال حتّى # كأنّ البدر أضمره السّرار [1]
و يوم سلّطت فيه العوالي # على الأرواح، و اخترم الذّمار
نعانق فيه أبكار المنايا، # و هنّ لغير أنفسنا ظؤار [2]
و قد حجز العجاج، فلا نجاء، # و قد ضاق المجال، فلا قرار
و ملنا بالجياد على و جاها، # و قد دمي الشّكائم و العذار [3]
و قد و سمت حوافرها كئوسا، # و من علق الدّماء لها عقار
و أجرى الضّرب في الأحشاء غدرا # تبرّض ماءها الأسل الحرار [4]
ضربن لنا النّسور رواق ظلّ # تلوذ بحقوة القبّ المهار [5]
تحلّ الهام فيه بالمواضي، # و في الأعناق حبل ردى مغار
تخوض ترائكا منها لجينا، # و تصدر، و هي من علق نضار [6]
بضرب ينثر الشّفرات، حتّى # لها في كلّ جانحة غرار
بكلّ فتى يزلّ العار عنه، # إذا ما هزّ ضبعيه الفخار
حسام لا يضبّ عليه غمد، # و ليث لا يطلّ عليه زار [7]
تألّف حدّ صارمه المنايا، # و فيها عن حشاشته ازورار
يجرّد معصما من صدر رمح، # و يرجع، و الفؤاد له سوار
و سمر الخطّ تعثر بالهوادي، # فيجذبها إلى المهج العثار
[1] القسطال: غبار الحرب-السرار: الخطوط في الجبهة و الكف.
[2] الظؤار، جمع ظئر: المرضعة.
[3] الوجى: الحفا-الشكائم، جمع شكيمة: الحديدة المعترضة في فم الفرس.
[4] تبرّض، تتبرّض: تتبلّغ بالقليل-الأسل: الرماح-الحرار: العطاش.
[5] الحقوة: الكشح-القب المهار: الخيول الفتية الضامرة.
[6] الترائك، جمع تريكة: بيضة الحديد.
[7] يضب عليه: يحتويه-الزأر: صوت الأسد.