عقار الشوق
(الوافر)
أما لو لم تعاقره العقار، # عقار الشّوق مازجه الوقار [1]
وقفنا نغصب الأجفان ماء؛ # له من نار أضلعنا انتصار
فكم من نشوة للشّوق تهفو # بصبر مسّه منها خمار [2]
سقى درر السّحاب صدى ربوع # بما يظمأ إليهنّ المزار [3]
و جاذبها فضول المحل عنها # بأيمان من الخصب القطار
ليالي يوقظ التّذكار شوقي، # و هجعة سلوتي فيها غرار
ألا إنّ الزّمان قضى علينا # بأحداث لنا فيها اعتبار
إذا ما الخطب ضلّلنا دجاه، # أنارت من تحار بنا منار
نصدّ عن الحيا، و الجوّ ماء؛ # و نستلم الثّرى، و الأرض نار
سرينا في ضمير البيد حتّى # تركناها، و نحن لها شعار
أيا للمجد من قوم لئام # أ لا حرّ على عرض يغار
فأشجعهم، إذا فزعوا، جبان، # و أذكاهم، إذا نطقوا، حمار
لبونكم تدرّ لأبعديكم، # و عندي الّذين منها و النّفار [4]
لغيري ضوء ناركم، و عندي # دواخنها السّواطع و الأوار [5]
و جرد قد لبسن ثياب ليل، # ضوامر في أياطلها اقورار [6]
بركب ترعد الظّلماء منهم # فيسترها من الجزع النّهار
[1] العقار: الخمر.
[2] الخمار: السكر، صداع الخمر.
[3] درر السحاب: ما تدره من ماء.
[4] الذين (بكسر الذال) : العيب.
[5] الأوار: شدّة الحر.
[6] ثياب ليل: كناية عن لون الخيل الأسود-الأياطل: الخواصر.