مضى التّليد الأعلى لطيّبه، # و استأخر المنسمان و الذّنب
ترعية طاعت الصّعاب له، # و استوسقت في زمامه العرب [1]
يا دهر رشقا بكلّ نائبة، # قد انتهى العتب و انقضى العجب
ردّ يدي ما استطعت عن أربي، # لم يبق لي بعد موتهم أرب
على عيني حثوت الترب
(الطويل)
نظم هذه الأبيات في رثاء أحد أصدقائه.
على أيّ غرس آمن الدّهر بعد ما # رمى فادح الأيّام في الغصن الرّطب
ذوى قبل أن تذوي الغصون، و عهده # قريب بأيّام الرّبيلة و الخصب [2]
كفى أسفا للقلب ما عشت أنّني # بكفّي على عيني حثوت من التّرب
جرت خطرة منها و في القلب عطشة # رفعت لها رأسي عن البارد العذب
و قلت لجفني ردّ دمعا على دم، # و للقلب عالج قرح ندب على ندب [3]
و ممّا يطيب النّفس بعدك أنّني # على قرب من ماء وردك أو قرب [4]
ألا لا جوى مسّ الفؤاد كذا الجوى، # و لا ذنب عندي للزّمان كذا الذّنب [5]
خلا منك طرفي و امتلا منك خاطري، # كأنّك من عيني نقلت إلى قلبي
[1] الترعية: الذي يقتحم الأمور بحماسة.
[2] الربيلة: النعمة.
[3] الندب: أثر الجرح.
[4] القرب: هو ان لا يكون بينك و بين الماء إلا ليلة واحدة.
[5] الجوى: ألم النفس.
غ