ألا ربّ ليل قلقلته عزائمي # إلى أن نضا عن منكبيه الغياهبا [1]
جذبت بضبع العزم من بين أضلعي، # و زاحمت بالهمّ الدّجى و السّباسبا [2]
و جردا ضربن الدّهر في أمّ رأسه، # و جزن بنا أعجازه و المناكبا
و مرّت حواميها على لمّة الدّجى، # تجاذب بالإدلاج منها الذّوائبا [3]
و إنّي لمن قوم إذا ركبوا النّدى # إلى الحمد باتوا يعسفون الرّكائبا [4]
إذا فاض رقراق المحامد صيّروا # له جودهم دون اللّئام نصائبا [5]
و إن ضاق صدر الخطب وسّع بأسهم # لسمر القنا بين الضّلوع مذاهبا
بطعن كدفّاع الغمام تحثّه # ذوابل يمطرن الدّماء صوائبا [6]
له شرر يرمي الرّماح بلفحه، # يكاد يرى ماء الأسنّة ذائبا
إذا أنكروا في النّقع ألوان خيلهم # أضاء لهم حتّى يشيموا السّبائبا [7]
أبا قاسم جاءت إليك قلائد # تقلّد أعناق الكرام مناقبا
قلائد من نظمي يودّ لحسنها # قلوب الأعادي أن تكون ترائبا [8]
[1] نضا: خلع. يشخّص الشاعر الليل و يجعل ظلمته ثوبا أسود يخلع مع قدوم الصباح.
[2] الضبع: العضد-السباسب: الفلوات.
[3] حواميها: جمع حامية-اللمّة: الشعر المجاوز شحمة الأذن، استعارها للظلمة-الادلاج: السير من أوّل الليل.
[4] ركبوا الندى: بدءوا بالعطاء، و الندى هو الكرم-الى الحمد: من أجل الحمد-يعسفون، من عسف عن الطريق: مال و عدل.
[5] النصائب: حجارة تنصب حول الحوض.
[6] الدفّاع: قوة الموج أو السيل.
[7] النقع: الغبار-يشيموا، من شام: ظهر-السبائب، جمع سبيبة:
الخصلة من الشعر، شعر الذنب و الناصية.
[8] قلائد من نظمي: كناية عن الابيات المنظومة في قصيدة-ترائب، جمع تريبة: أعلى الصدر. و في البيت مراعاة للنظير بين قلائد و نظم و ترائب.