و كلّ مشمّر البردين يهوي # هويّ المصلتات إلى الرّقاب [1]
أعاتبه على بعد التّنائي، # و يعذلني على قرب الإياب
رأيت العجز يخضع للّيالي، # و يرضى عن نوائبها الغضاب
و لو لا صولة الأيّام دوني، # هجمت على العلى من كلّ باب
و من شيم الفتى العربيّ فينا، # وصال البيض و الخيل العراب
له كذب الوعيد من الأعادي، # و من عاداته صدق الضّراب
سأدّرع الصّوارم و العوالي، # و ما عرّيت من خلع الشّباب
و أشتمل الدّجى و الرّكب يمضي # مضاء السّيف شذّ عن القراب [2]
و كم ليل عبأت له المطايا، # و نار الحيّ حائرة الشّهاب
لقيت الأرض شاحبة المحيّا # تلاعب بالضّراغم و الذّئاب
فزعت إلى الشّحوب و كنت طلقا، # كما فزع المشيب إلى الخضاب
و لم نر مثل مبيضّ النّواحي # تعذّبه بمسود الإهاب [3]
أبيت مضاجعا أملي، و إنّي # أرى الآمال أشقى للرّكاب
إذا ما اليأس خيّبنا رجونا، # فشجّعنا الرّجاء على الطّلاب
أقول إذا استطار من السّواري # زفون القطر رقّاص الحباب [4]
كأنّ الجوّ غصّ به، فأومى # ليقذفه على قمم الشّعاب
جدير أن تصافحه الفيافي، # و يسحب فوقها عذب الرّباب [5]
إذا هتم التّلاع رأيت منه # رضابا في ثنيّات الهضاب [6]
[1] المصلتات: السيوف.
[2] أشتمل الدجى: أمشي ليلا-شذّ: انفرد.
[3] مبيض النواحي: الشائب-مسود الإهاب: الخضاب لصبغ الشّعر.
[4] استطار: تفرق-السواري: السحاب، جمع سارية و هي الغيمة التي تمر ليلا-زفون: تراقص-الحباب: فقاقيع الماء.
[5] الرباب: السحاب الأبيض.
[6] هتم: كسر الثنيّة، و الأهتم من كسرت ثناياه.