سقى اللّه المدينة من محلّ، # لباب الماء و النّطف العذاب [1]
و جاد على البقيع و ساكنيه # رخيّ الذّيل ملآن الوطاب [2]
و أعلام الغريّ، و ما استباحت # معالمها من الحسب اللّباب [3]
و قبرا بالطّفوف يضمّ شلوا، # قضى ظما إلى برد الشّراب [4]
و سامرّاء، و بغدادا، و طوسا، # هطول الودق منخرق العباب [5]
قبور تنطف العبرات فيها، # كما نطف الصّبير على الرّوابي [6]
فلو بخل السّحاب على ثراها # لذابت فوقها قطع السّراب
سقاك فكم ظمئت إليك شوقا # على عدواء داري و اقترابي [7]
تجافي يا جنوب الرّيح عنّي، # و صوني فضل بردك عن جنابي
و لا تسري إليّ مع اللّيالي، # و ما استحقبت من ذاك التّراب
قليل أن تقاد له الغوادي، # و تنحر فيه أعناق السّحاب [8]
أ ما شرق التّراب بساكنيه # فيلفظهم إلى النّعم الرّغاب
فكم غدت الضّغائن و هي سكرى # تدير عليهم كأس المصاب
صلاة اللّه تخفق كلّ يوم # على تلك المعالم و القباب
و إنّي لا أزال أكرّ عزمي، # و إن قلّت مساعدة الصّحاب
[1] النطف، جمع نطفة: الماء القليل الصافي.
[2] البقيع: موضع في المدينة-الوطاب: سقاء اللبن من وعاء جلدي.
[3] الغري، مفرد الغريين: بناءين مشهورين بالكوفة-استباحت: استأصلت -اللباب: الخالص.
[4] الطفوف: طف الفرات هو شاطئه، ضفته و ما ارتفع من جانبه-الشلو:
الجسد، و أراد به جسد الامام الحسين.
[5] الودق: المطر.
[6] تنطف: تسيل-الصّبير: السحاب المتراكم.
[7] العدواء: البعد.
[8] الغوادي: الغيوم الصباحية، جمع غادية.
غ