و يخرجون هاربين، فقال له الملك: و من الذي يقتلهم و يلي إخراجهم:
قال: إنّه ابن ذي يزن، يخرج عليهم من عدن، فلا يبقى منهم أحد في اليمن، قال له الملك: أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع؟ قال: ينقطع، قال: و من يقطعه؟ قال نبيّ زكي، رضيّ، و فيّ، يأتيه الوحي من قبل اللّه تعالى العلي، قال: و ممن هذا النبي يا سطيح؟ قال من ولد لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر، قال: و هل للدهر من آخر؟ قال: نعم، يوم يجمع اللّه فيه الأوّلين و الآخرين، يشقى فيه المسيؤون، و يسعد فيه المحسنون. قال: أحقّ ما تقول؟ قال: نعم، و الشّفق و الغسق و الفلق [1]، إن ما أنبأتك لحقّ.
فلما فرغ من عنده و قدم «شقّ» فقال له الملك مثل ما قال لسطيح، لينظر أيتفقان أم يختلفان، فقال شقّ: نعم، أيها الملك رأيت حممة [2]، خرجت من ظلمة، فوقعت في روضة و أكمة، بأرض بهمة، فأكلت منها كلّ نسمة، صحيحة مسلمة، ثمّ قال: أحلف بما بين الحرّتين من إنسان، لينزلن أرضكم السودان، و ليغلبن على كل طفلة البنان، و ليملكنّ بما بين أبين إلى نجران.
فقال الملك: يا شق و أبيك إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو كائن؟ في زماننا أو بعده؟ قال: بعده بزمان، [ثم يستنقذكم منهم] [3] عظيم ذو شأن، فيذيقهم أشدّ الهوان. قال له الملك: و من هو هذا العظيم الشأن؟ قال: غلام ليس بدنيّ و لا مدنّ، يخرج من بيت ذي يزن، قال: فهل يدوم سلطانه أو ينقطع؟ قال: ينقطع برسول يأتي بحقّ