قال سلمة بن الفضل في حديثه يقال له سطيح الذئبي لنسبه إلى الذئب بن عديّ، و شق بن صعب بن يشكر بن رهم بن برانوك من نذير بن قيس بن عبقر بن أنمار [1].
فلما قالوا له ذلك بعث إليهما فقدم إليه سطيح قبل شقّ، و لم يكن في زمانهما مثلهما من الكهان، فلما قدم سطيح عليه قبل شق دخل عليه، قال الملك: يا سطيح إني قد رأيت رؤيا هالتني و فظعت بها حين رأيتها، و إنّك إن تصفها قبل أن أخبرك تصب تأويلها، قال: أفعل، قال رأيت [حممة خرجت من ظلمة، فوقعت بأرض تهمة، فأكلت منها كلّ ذات] [2] جمجمة، من العشاء إلى العتمة، فقال الملك: و اللّه ما أخطأت من رؤياي [3]، فما عندك في تأويلها يا سطيح، قال: احلف بما بين الحرّتين [4] من حنش لينزلن أرضكم الحبش، و يملكن ما بين أبين إلى جرش [5].
قال له الملك: و أبيك يا سطيح، إن هذا لنا لغائظ موجع، متى هو كائن يا سطيح؟ في زماننا أم بعده؟ قال: بل بعده بحين، أكثر من سنتين إلى سبعين سنة يمضين، قال له الملك: أفيقوم أو يدوم سلطانهم أم ينقطع؟ قال: ينقطع لبضع و ستين من السنين، ثمّ يقتلون أجمعين،
[1] في سيرة ابن هشام «ابن رهم بن أفرك بن قيس بن عبقر بن أنمار بن نزار».
[2] ما بين القوسين أخذناه من سيرة ابن هشام و الخصائص. و الحممة: الفحمة، و يعني: فحمة فيها نار. و الظلمة: الظلام، يعني من البحر و يريد: خروج عسكر الحبشة من أرض السودان. و التهمة: الأرض المتصوبة نحو البحر، و المراد بها هنا سهول تهامة، أو الحجاز المحصورة بين جبال عسير و البحر الأحمر.