خلقه لم يخلق من ولد آدم (عليه السلام) شيئا يشبهه، قال: نعم، إنّ اللّه خلق سطيحا الغساني لحما على وضم- الوضم شرائح من جريد النخل- و كان يحمل على وضمه فيؤتى به حيث يشاء، و لم يكن فيه عظم و لا عصب إلا الجمجمة و الكفّان، و كان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوى الثّوب، فلم يكن فيه شيء يتحرك إلّا لسانه، فلما أراد الخروج إلى مكة حمل على وضمه فأتي به مكة، فخرج إليه أربعة من قريش: عبد شمس، و هاشم ابني عبد مناف [1] بن قصيّ، و الأحوص بن فهر، و عقيل بن أبي وقاص، انتموا إلى غير نسبهم، فقالوا: نحن أناس من جمح، أتيناك، بلغنا قدومك، فرأينا أنّ زيارتنا إياك حقّ لك، واجب علينا، فأهدى إليه عقيل صفيحة هندية، و صعدة ردينية [2]، فوضعت [3] على باب البيت الحرام لينظروا هل يراها [4] سطيح أم لا؟ فقال: يا عقيل ناولني يدك، فناوله يده، فقال: يا عقيل، و العالم الخفيّة، و الغافر الخطيّة، و الذّمّة الوفيّة، و الكعبة المبنية، إنّك لجائي بالهدية، الصفيحة الهندية، و الصّعدة الردينية. قالوا: صدقت يا سطيح. فقال: سطيح: و الآت بالفرح، و قوس قزح، و سائر القرح [5]، و اللّطيم [6] المنبطح، و النخل و الرّطب و البلح، إنّ الغراب حيث مرّ سنح، فأخبر أنّ القوم ليسوا من جمح، و إنّ نسبهم في قريش ذي البطح. قالوا: صدقت يا سطيح، نحن أهل البيت الحرام، أتيناك لنزورك، لما بلغنا من علمك، فأخبرنا عمّا يكون في زماننا
[1] في الأصل «عبد شمس بن هاشم بن عبد مناف» و الصواب ما أثبتناه.
[2] صعدة: قناة مستقيمة، و ردينة: امرأة كانت تقوّم القنا فنسبت إليها الرماح الردينية.