ورغم أنَّنا اخترنا الأساس الثاني ، أي ( الدعوة ) لرسم الخريطة السياسية في العالم ، دون الأساس الأوّل ( الأساس السياسي ) ، وذكرنا أنّ لهذا الاختيار مبرّرات وأسباب فقهية لا يمكن تجاوزها .. رغم ذلك نجد في الشريعة أحكاماً تخصّ التقسيم الثلاثي للعالم على الأساس الأوّل ، أي العامل السياسي .
وأذكر منه حكمَيْن :
1 ـ المُرابطة : وهي الإرصاد لحفظ ثغور الإسلام من ناحية الأعداء ، والمرابطة غير القتال ، ومهمَّة المرابط تختلف عن مهمَّة المقاتل ، والمرابطة من أحكام النفوذ السياسي للإسلام .
يقول صاحب الجواهر ( ره ) في تعريف ( الثغر ) : ( هو الحدُّ المشترك بين دار الشرك ودار الإسلام كما في ( التنقيح ) أو كل موضع يُخاف منه كما في ( جامع المقاصد ) ، أو هما معاً كما في ( المسالك ) .
قال : ( الثغر هنا : الموضع الذي يكون بأطراف بلاد الإسلام ، بحيث يُخاف هجوم المشركين منه على بلاد الإسلام ، وكل موضع يُخاف منه يُقال له : ثغر ) [1] .
ولا إشكال في أنّ هذا التعريف لـ ( الثغر ) يناسب دار الإسلام ؛ بناءً على الأساس السياسي .
2 ـ الاستئمان : ونقصد به طلب الأمان والجوار من المسلم لدخول دار الإسلام ، ويجوز لإمام المسلمين أن يُعطي أماناً للكافر على نفسه ، وماله ،
[1] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ، مصدر سابق ، ج21 ، ص38 .