فعلًا، أو مكلّف بعد ساعة أو ساعتين بالاختياري، فلا يعلم بوجود تكليف فعلي يقيني، و كما في المسافرِ أوّلَ الوقت الحاضرِ في آخره، فإنّه يعلم في أوّل الوقت بأنّه إمّا مكلّف بالقصر فعلًا، و إمّا سيصير مكلّفاً بالتمام في آخر الوقت، فليس هنا تكليف فعلي يقيني، فإنّ ما ذكرنا من جريان البراءة فيه- على ما اختاره في «الكفاية» على مبناه [1]- مبنيٌّ على القول بمنجِّزيّة العلم الإجمالي في الصورة الاولى فقط دون الثانية، و أمّا إذا قلنا بها في الصورتين فمقتضى القاعدة الاشتغال؛ لأنّ مرجع الشكّ فيه إلى التعيين و التخيير و الأصل فيه هو الاشتغال.
المقام الثالث: إجزاء الظاهري عن الواقع
هل الإتيان بالمأمور به الظاهري مُجزٍ عن الواقعي فيسقط، أو لا كالعمل بالأُصول و القواعد المجعولة للشاكّ؟
وَ ليُعلمْ أنّ محطّ البحث هو ما إذا كان هناك أمرٌ متعلّق بمركّب ذي أجزاء و شرائط، و أمرٌ أيضاً بتصديق خبر زرارة، و فُرض أنّ زرارة- مثلًا- أخبر بأنّ السورة- مثلًا- ليست واجبة، فصلّى بدونها، فانكشف الخلاف في الشبهة الحكميّة، أو أخبرت البيِّنة: بأنّ القبلة هي هذه الجهة، فصلّى إليها، فانكشف الخلاف في الشبهة الموضوعيّة.
فنقول: أمّا الأمارات فحجّيّتها: إمّا على نحو السببيّة و الموضوعيّة، أو الطريقيّة، و الكشفُ عن الواقع: إمّا لأجل بناء العقلاء على ذلك و عدم ردع الشارع عنه، و إمّا للتعبّد به من الشارع تأسيساً.
فهنا وجوه ثلاثة:
أمّا الأوّل:- أي السببيّة- فهو فاسد، كما بُيِّن في محلّه، و لا ينبغي التعرّض له.
و أمّا الثاني: و هو الطريقيّة لأجل بناء العقلاء مثل حجّيّة الظواهر، فلا بدّ من