و أمّا من حيث المادّة فلما عرفت من أنّها موضوعة للحدث العارض على الذات، تعالى اللَّه عن المعروضيّة للحوادث، و لهذا التزم صاحب «الفصول» بأنّ إطلاقها عليه بضربٍ من العناية و التجوّز [1].
و أورد عليه في «الكفاية» بما حاصله: أنّه لو كان الصفات المحمولة عليه تعالى بغير معانيها العامّة الجارية على غيره تعالى، فهو غير مفهوم و لا معلوم إلّا بما يقابلها، ففي مثل ما إذا قلنا: «إنّه تعالى عالم» إمّا أن نعني أنّه تعالى من ينكشف لديه الشيء، فهو ذاك المعنى العامّ، أو أنّه مصداق لما يقابل ذاك المعنى، تعالى اللَّه عن ذلك علوّاً كبيراً، و إمّا أن لا يُعنى شيء فهو مجرّد تكلفة اللسان و بلا معنى [2] انتهى.
أقول: هذا الذي ذكره إنّما يرد على المعتزلة القائلين بقيام الذات مقام الصفات و نيابتها عنها [3] لا على ما ذكره في «الفصول»، فإنّ مراده (قدس سره) أنّ ذاته المقدّسة لما كانت عين العلم و القدرة و نحوهما فحمل العالم و القادر- بمعنى المُعَنون المنتزع من الذات بلحاظ اتّصافها بالمبدإ- ليس بنحو الحقيقة، فهو مجاز، و لا يرد عليه الإشكال الذي ذكره (قدس سره).
و أمّا ما أجاب عنه هو (قدس سره): من كفاية مغايرة المبدأ على ما يجري عليه المشتقّ مفهوماً و إن اتّحدا عيناً، فهو خروج عن مورد الإشكال؛ لعدم كفاية اتّحاد الذات مع المبدأ في صحّة الحمل، بل المصحِّح هو اتّحاد الذات و المحمول الذي فرض تركّبه عند التحليل، و يمتنع اتّحاده مع ذاته تعالى، فلا بدّ أن يكون عارضاً عليه، تعالى اللَّه عن المعروضيّة للحوادث.
و بعبارة اخرى: الإشكال في المقام هو أنّ مقتضى جري المشتقّات عليه تعالى