الاحتجاج على العبد أن لا يكتفي بمخالفة الأمر، بل يؤاخذ على مخالفة الأمر المتقيّد بكونه للوجوب. إذ المفروض كون الأمر بما هو هو حاكيا عن مطلق الطلب الجامع بين الوجوبي و الاستحبابي، فمخالفته لا يصحّح المؤاخذة.
ثمّ تعرض (قدّس سرّه) لوجوه ترجيح الاشتراك المعنوي بين الوجوب و الاستحباب على سائر الاحتمالات المقرّرة في مبحث تعارض الأحوال و أنّها مردودة لا قيمة لها في السوق العلمي.
و أمّا وجه كون الاستعمالات المزبورة تأييدا لا دليلا على المدّعي أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة و الاستعمال المجازي مع وجود القرينة و معلوميّة المراد أمر رائج. و أصالة الحقيقة إنّما تنهض لإثبات المراد لا كونه حقيقة مع العلم بالمراد و الشكّ في كونه حقيقة أو مجازا. و لا فرق في جواز الاستعمال المجازي بين الناس العاديّين و الكتاب و السنّة. و لم يدلّ دليل على لزوم كون استعمالات الكتاب و السنّة حقيقيّا و التجنّب فيهما عن استعمال المجاز.
و أمّا وجه كونها مؤيّدا فهو حصول الظنّ بكونها استعمالا حقيقيّا لكثرتها و كون المجاز خروجا عن الحالة الطبيعية الأوّلية، فالمظنون خلافه. و لا سيّما بالنظر إلى كون المستعمل هو أفصح القائلين و أبلغ المتكلّمين الملتزم بمتابعة المحاورات المتعارفة.
و لكن بعد اللّتيا و الّتي يغلب على الظنّ أن يكون وجه الانسباق [1] هو الانصراف لصحّة حمل الأمر على الطلب الاستحبابي و تقسيم الأمر بقسمين؛ وجوبي و ندبي. فكلاهما أمر، و مع ذلك إذا تجرّد عن القرينة ينصرف إلى الوجوبي. و سيأتي الكلام فيه في محلّه إن شاء اللّه تعالى.
[1] المراد هو الانسباق في الاستعمالات العرفيّة لا خصوص ما تقدّم من الآيات و الروايات فإنّها محفوفة بالقرينة.