و قد تركنا الدليل الأخير؛ أعني فعل المندوب طاعة و كلّ طاعة فعل المأمور به و جوابه بمنع الكبرى لو اريد به المعنى الحقيقي، بل الطاعة تحصل بفعل المطلوب و لو كان ندبيّا و لا يطلق عليه المأمور به.
هذا ما في الكفاية و ما يتعلّق به من التوضيح و التوجيه.
و التحقيق: أنّ المحتملات في المقام امور:
الأوّل: أن يكون الأمر موضوعا للطلب الوجوبي، و لعلّه المشهور.
الثاني: أن يكون موضوعا لمطلق الطلب الجامع بين الوجوب و الندب و يحتاج حمله على كلّ منهما بالخصوص إلى القرينة.
الثالث: أن يكون موضوعا للطلب و تكون خصوصيّتا الوجوب و الندب ثابتتين بحكم العقل و خارجتين عن مفاد اللّفظ و ما استعمل فيه، و تقريبه: أنّ العقل يحكم بلزوم تحصيل مطلوب المولى و تحقيقه في الخارج إن لم يرخّص في تركه و استحقاقه المؤاخذة على مخالفته قضاء لحقّ المولويّة و العبوديّة. فالموضوع لحكم العقل بالوجوب مركّب من أمرين: الطلب و عدم الترخيص في الترك.
و أمّا مع ترخيصه في الترك فإنّما يحكم برجحان العمل و استحقاق المثوبة على موافقته دون المؤاخذة و العقاب على مخالفته، فالمعنى و المستعمل فيه دائما هو الطلب، و أمّا الوجوب و الندب فأمران خارجان عن حريمه و ثابتان بحكم العقل. ذهب إليه المحقّق النائيني (قدّس سرّه).
و سلك عين هذا المسلك تلميذه المحقّق الخوئي (قدّس سرّه) مع تبديل موضوع حكم العقل بإبراز اعتبار كون الفعل على رقبة العبد و في ذمّته مكان إنشاء الطلب تبعا لما بنى عليه في باب حقيقة الإنشاء من أنّه إبراز لأمر نفساني غير قصد الحكاية، و هو في المقام اعتبار جعل الفعل على رقبة العبد.
و فيه أوّلا: أنّ الأوامر العرفيّة أيضا تنقسم إلى وجوبي و ندبي، و لا يختصّ