عند إطلاقه [1] (أي لتبادره منه عند عدم القرينة) و يؤيّده قوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ[2] فإنّ الوعيد و التهديد يناسب ترك الواجب، فيعلم أنّ معنى قوله تعالى عن أمره هو الطلب الوجوبي.
و قوله (صلى اللّه عليه و آله و سلّم): «لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك» [3] فإنّه (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) كرارا طلب منهم ندبا أن يأتوا بالسواك. فالمقصود من ترك الأمر به حذرا من إلقائهم في المشقّة هو الطلب الوجوبي لا محالة.
و قوله (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) لبريرة بعد قوله: أ تأمرني يا رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلّم)؟ لا بل إنّما أنا شافع.
(و بريرة كانت أمة عائشة و كانت زوجة عبد فاعتقتها عائشة، فعلمت بريرة بخيارها في فسخ النكاح بعد العتق و إبقائه فأرادت الفسخ و مفارقة زوجها فاشتكى الزوج الى رسول اللّه فقال (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) لبريرة: ارجعي إلى زوجك فإنّه أبو ولدك الخ). فقالت: أ تأمرني بذلك يا رسول اللّه؟ فقال (صلى اللّه عليه و آله و سلّم): «لا، إنّما أنا شافع».
وجه الاستدلال: أنّها بعد استماع طلب رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) منها بصيغة افعل سألته (صلى اللّه عليه و آله و سلّم): انّها أمر أم لا؟ فلو كان معنى لفظ الأمر مطلق الطلب لم يكن وجه لسؤالها؛ لأنّه متيقّن. فيعلم أنّ معنى لفظ الأمر الإيجاب. و لم يكن بمتيقّن؛ لاحتمال كون الطلب استحبابيّا، فأجابها رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) بنفي الأمر و أنّ المقصود صرف الشفاعة. فقرّرها على كون الأمر بمعنى الإيجاب و نفاه و أثبت الشفاعة.
و صحّة الاحتجاج على العبد و مؤاخذته بمجرّد مخالفة أمره و توبيخه على مجرّد مخالفته كما في قوله تعالى: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ[4] و هو أيضا من أدلّة ظهور مادّة الأمر في الوجوب؛ إذ لو كان للأعمّ كان اللّازم في مقام