الثانية: دلالته على كون المعنى مرادا للمتكلّم بنحو الإرادة الاستعمالية و هي تابعة لإحراز الإرادة، و أنّ المتكلّم لم يكن غافلا ساهيا، بل كان في مقام البيان.
الثالثة: دلالة اللّفظ على ثبوت المعنى في الخارج و كونه حجّة فيه، و هي متوقّفة على إحراز وثاقة المتكلّم مع جريان أصالة عدم الخطأ و الغفلة و الهزل في حقّه.
و المقصود من هذه الإطالة: أنّ الوصول إلى الغرض الأقصى محتاج إلى وضع الواضع و متوقّفة عليه بحيث لولاه لم تصل النوبة إلى سائر المراحل.
و أمّا ما أفاد بالنسبة إلى الإنشائية، ففيه: أنّ باب وضع الألفاظ لمعانيها باب الامور التوقيفية، و المعتبر فيها السماع و ملاحظة علائم الحقيقة و المجاز و لا قيمة فيها للاستدلالات الفلسفية و البراهين العقلية، و نحن لمّا نراجع أفهامنا نجد استعمال الجمل الإنشائية في مقام الإيجاد، فمثلا المتكلّم ينشئ التمنّي و يوجده بقوله «ليت كان كذا»، لا أنّه يتمنّى شيئا في نفسه أوّلا ثم يبرزه بقوله «يا ليت كذا» و كثيرا ما ينشأ التمنّي و ليس بموجود في نفسه حقيقة، و لا يعدّ ذلك الاستعمال غلطا و لا كذبا. بل يعدّ على خلاف الغالب من كون الداعي إلى الإنشاء إظهار التمنّي الحقيقي النفسي. و كاستفهام العالم فإنّه صحيح إنشاء لكنّه على خلاف الغالب و يشبه بالكذب لكنّه ليس بكذب حقيقة، و كالأمر و النهي فإنّهما ليسا بقابلين للتكذيب و التصديق بالبداهة العرفيّة. مع أنّ لازم ما أفاده هو تطرّق الصدق و الكذب فيهما و في أمثالهما من الإنشائيات، لإمكان تخلّف الإبراز عن المبرز بالفتح.
و أمّا ما أورده: بأنّ المقصود من الإيجاد، الإيجاد في أيّ عالم من العوالم، فإنّ اريد في عالم التكوين فكذا و إن اريد الإيجاد في عالم الاعتبار الشخصي أو العقلائي فكذا. فلنا أن نقول بالإيجاد في عالم الإنشاء، و هو عالم له حظّ من