بضميمة: إنّ الاجتهاد يتغيّر، فلو كان واقعا تغيّرا من الحلال إلى الحرام لا يجوز الاجتهاد الثاني، و لا تقليده، و لو كان العكس لم يجز الاجتهاد الأوّل، و لا تقليده، و اجتهاد هذا شأنه لا يكون حجّة.
[مناقشة الدليل الثالث]
و فيه نقضا: بما لو فهم الأخباريون من الأحاديث حكما، ثم بعد مدّة، و مراجعة ثانية فهموا غير ذلك- كما يتعارف ذلك لهم أيضا خصوصا في الأخبار المتعارضة، التي لها وجوه جمع متعدّدة- فهل الفهم الأوّل حلال، أم الثاني، و على كلتا الصورتين يكون الفهم الآخر حراما، و الجواب عن ذلك هو الجواب عن الاجتهاد المختلفين المتعاقبين.
و حلّا: بأنّ المقصود من هذه الرواية المتواترة: إمّا كون دين الإسلام غير قابل للنسخ، بل هو آخر الأديان و ليس كدين موسى و عيسى (عليهما السلام) الذين نسخا، كما هو الظاهر، أو: إنّ المراد بالحلال و الحرام فيها هو الحلال و الحرام الواقعيان، و هو ردّ للمصوبة القائلين بأنّ أحكام اللّه تعالى تابعة لآراء المجتهدين.
و ليس المقصود: هو الحلال و الحرام الظاهريين، إذا لا مناصّ من كثرة تعاقبهما مختلفين حسب اختلاف مواردهما و اختلاف الأصول و الأدلّة الجارية فيهما، و خذ لذلك مثلا: لو وجد الإنسان لحما في يد مسلم كان محكوما بالحلية، فإذا قامت البيّنة الشرعية على إنّها ميتة حكم بالحرمة، فإذا ثبت بعد هذا بالعلم القطعي، إنّه مذكّى كان حلالا، و لذلك نظائر كثيرة في كلّ زمان و مكان، و قد بحث ذلك في الأصول باسهاب عند الحديث عن جواز جعل