النهي لا مانع من بقاء التكليف في فرض العصيان (و قد مرت الإشارة إلى هذا مفصلا في المباحث الراجعة إلى النواهي) [1].
فما عن بعض أعاظم المعاصرين من أنّ المطلوب في جانب الأمر هو الطبيعة، لكن تكون ملاحظة الشياع و السريان في أفراده على سبيل البدلية، و في جانب النهي على سبيل الاستغراق.
ليس في محله؛ فإنّ الشياع و السريان مضافا إلى كونه غير دخيل في المطلب يكون لازم إرسال الطبيعة و إطلاقها و عدم تقيدها، و لازم ذلك شياع الحكم و سريانه إلى جميع الأفراد.
التنبيه الثاني: لا ريب في أنّه يجب أن لا يكون موضوع بعض الأحكام، كالأمر و النهي، مع قطع النظر عن الحكم موجودا حتى يمكن البعث إليه و الزجر عنه. و لكن ربما تكون أحكاما متعلقة بموضوعاتها إذا كان موجودة أو مفروضة الوجود. و بعبارة اخرى: يكون الحكم راجعا إلى الماهية التي جعلت مرآة لأفراده لا بخصوصياتها الفردية بل بمقدار يمكن أن يرى من مرآة الماهية، مثل قوله تعالى وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ[2] و قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «أعجبوا لهذا الإنسان ينظر بشحم، و يتكلم بلحم ... الخ» [3]. فلا فرق في سريان الحكم إلى جميع
[1]. تقدم في نهاية الفصل الأوّل (مفاد الأمر و النهي) من المقصد الثاني (في النواهي).