و إن كان مركوزا في أذهانهم إلّا أنّه لا ينافي بعد العنوان المانع عن تقديره في الكلام.
و أمّا فساد الإشكال؛ فلأنّ العرب ما كانوا ينكرون وجود الخالق الباري المنشئ للمخلوقات و لا وحدانيته تعالى، و إنّما كانوا يعبدون من دون اللّه أصناما ليقربوهم إلى اللّه زلفى [1]، مع الاعتراف بأنّها مخلوقة، و لا يعتقد أحد منهم الوهية الأصنام، و لذا يأخذهم اللّه تعالى بإقرارهم وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ ...* الآية، [2] و وبّخهم على عبادة ما ليس فيه صلاحية العبادة، و من لا يخلق بل هو يخلق أَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً[3]أَ يُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ[4] و كلمة التوحيد الطيبة إنّما تفيد نفي كل معبود سوى اللّه تعالى و تثبت التوحيد في العبادة [5].
[4]. الأعراف (7): 191، انظر أيضا النحل (16): 20، و الفرقان (25): 3.
[5]. و الحق: أنّ مفهوم كلمة التوحيد لا يختص بالإقرار بالتوحيد في العبادة و نفي الشريك عنه فيها ممّا يعبده المشركون من دون اللّه تعالى، بل مفهوم هذه الكلمة العظيمة- التي ليس شيء أثقل و أوسع منها في الميزان- هو: الإقرار بأن لا إله و لا خالق و لا رازق و لا مدبّر للسماوات و الأرض و لا مالك و لا حافظ لها إلّا اللّه.
فمثل قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ* (الحشر: 22 و 23) معناه هو اللّه الذي لا-