خالق و لا رازق و لها بارئ و لا معبود و ... إلّا هو: فمعنى الإله المطابقي: من يوصف بهذه الصفات. و التوحيد نفي الخالق البارئ الفاطر المعبود و ... غير اللّه سبحانه و تعالى، لا نفي المعبود غيره فقط كما قصّره عليه الفرقة المستحدثة الوهابية.
و بالجملة: كلمة التوحيد لا يقصر مفادها في نفي معبودية غير اللّه و إثباتها له تعالى بل مفادها (التام نفي خالقية غير اللّه و ربوبيته و رازقيته و سائر الأسماء الحسنى و الصفات العليا عن غير اللّه و إثباتها للّه دون غيره، و قد جاء في القرآن الكريم: وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ (المؤمنون: 91)، فلو كان معنى «الإله» المطابقي المعبود لا يتم الاستدلال لنفسه بما في الآية الكريمة و إنّما يتم الاستدلال إذا كان هو بمعنى الخالق و ما يرادفه و يتلوه من الأسماء الحسنى. كما أنّه لو لم يكن اسما لخالق الأرض و السماء و المتصرف فيهما و مدبرهما لم يتم الاستدلال على توحيده بقوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (الأنبياء: 22)، إذ ليس ارتباط بين وجود معبود في السماء و الأرض إلّا اللّه و فسادهما، و قد أشبعنا الكلام في ذلك في غير المقام من تأليفاتنا.
فظهر أنّ الحق مع المحقق الخراساني (قدّس سرّه) لا من جهة أنّ مدلول «الإله» مثل «خدا» و ما يراد فهما من سائر اللغات هو واجب الوجود حتى يقال: إنّ مثل ذلك بعيد عن أذهان الناس، بل من جهة أنّ ما هو المركوز في أذهان عامّة العرب و غيرهم من هذه الألفاظ هو الذي يعبر عنه المتكلم العارف بمعاني هذه الاصطلاحات المستحدثة في الإسلاميين بواجب الوجود غير أنّه لا يعرفه بهذا الاصطلاح، و إنّما يعرفه بأنّه مالك السماوات و الأرض و خالقهما، و هو الإله الذي يحيي و يميت، و هو الذي يدعوه لدفع البلاء و كشف الضر و قضاء حوائجه و ... و من هو بهذه الصفات يكون واجب الوجود لا محالة. فالإله عند أهل هذا الاصطلاح هو الواجب الوجود؛ و كلمة التوحيد تدل على نفي كونه غير اللّه، و كونه هو اللّه.
و عند من لا يعرف مثل هذا الاصطلاح و لا يسمي اللّه تعالى إلّا بما أسماه هو نفسه و ذاته به يكون مدلول لفظ «الإله» و ما بمعناه من سائر اللغات هو الذات المتصف بهذه-