دلالة الأمر وضعا أو انصرافا على الطلب الإنشائي المقيّد بالإرادة المتأكدة؛ إذ فيه مضافا إلى ما ذكر أنّ الطلب الإنشائي لا يمكن أن يكون مقيّدا بالإرادة الّتي هي من الكيفيات النفسانية، مع أنّ الطلب الإنشائي إنّما يكون معلولا للإرادة فكيف يقيد المعلول بعلته؟
ثم إنّ ما ذكرناه إلى هنا إنّما يكون مبنيا على صحة تقسيم الطلب إلى الإيجاب و الندب، و أمّا لو قلنا بعدم صحة هذا التقسيم و أنّ الاستحباب و الإذن في الترك تنافي مع البعث و التحريك و الطلب و أنّ مقتضى المولوية الطلب على سبيل الإلزام، فلا يبقى مجال لهذه الأبحاث.
و قد اختار ذلك المحقق القمي (قدّس سرّه)[1]، فإنّه ذهب إلى مباينة الندب مع الوجوب و عدم كونهما من سنخ واحد. و أنّ الأوامر الندبية كلها إنّما تكون للإرشاد؛ لأنّ الندب مناف للطلب و البعث و مقتضى المولوية.
و ربما كان مختاره هذا غير بعيد عن الصواب.
هذا تمام الكلام بالنسبة إلى مادة الأمر سواء أنشأ بالألفاظ أو الأفعال من غير دخل خصوصية لفظ من الألفاظ أو فعل من الأفعال.
و اللّه تعالى أعلم بحقيقة الحال، و هو حسبي و نعم الوكيل.