مقارنا لامور تدل على عدم تأكده. فالطلب الندبي هو الطلب المقارن مع الإذن في الترك، و الطلب الخالي عن ذلك أو المقارن مع امور تؤكد الطلب هو الطلب الإيجابي.
فعلى هذا يكون، الأمر حقيقة في الطلب، و أمّا الوجوب فإنّما يستفاد من عدم مقارنة الأمر مع القرينة الدالة على الندب. فما هو الملاك و تمام الموضوع لاستحقاق العقاب و صحة مؤاخذة المولى عبده نفس إنشاء الطلب مع عدم الإذن في الترك و لو احتملنا إذنه في الترك.
و يمكن أن يقال بأنّ امتياز الوجوب و الندب إنّما يكون في مبدئهما و ما هو علة للطلب الإنشائي و هي الإرادة النفسانية، فإنّها تارة تكون متأكدة بحيث لا يرضى بترك مراده، و تارة لا تكون كذلك، فإذا كانت متأكدة يكون الطلب الإنشائي الناشئ منها إيجابيا و إلّا كان ندبيا.
فعلى هذا يكون، الطلب الإنشائي غير المقرون بالإذن في الترك كاشفا عن هذه الإرادة المتأكدة و طلبا إلزاميا.
ثم إنّه ربما يظهر من كلام بعضهم أنّ الفصل المميز بين الوجوب و الاستحباب إنّما هو صحة المؤاخذة على المخالفة في الوجوب، و عدمها في الندب.
كما يظهر من بعض آخر أنّ فصل الوجوب هو عدم رضا المولى بترك الواجب، و فصل الندب رضاه على ذلك.
و لا يخفى ما فيهما.
أمّا الأوّل، فلأنّ صحة المؤاخذة و عدمها من الآثار العقلية للأمر