فنختار في الجواب عدم الإرادة الجديّة، و تعلق الأمر بالعصاة صوريا و شموله لهم انشاء و احتجاجا عليهم و لئلا يكون لهم على اللّه حجة.
فإن قلت: فعلى هذا لا يتحقق منه العصيان.
قلت: يكفي في صحة حمل العاصي عليهم و استحقاقهم العقاب شمول إطلاق التكليف له و إتمام الحجة عليه.
و أمّا الجواب عن إيراد المجبرة- بأنّ علم المولى بوقوع الإطاعة أو العصيان من العبد مستلزم لعدم تخلفه عن المعلوم و عدم كون المطيع و العاصي مختارين في الإطاعة و العصيان- ما أفاده السيد الاستاذ و ملخصه: أنّ تعلق علم اللّه بما هو كائن و ما يكون لا يوجب انقلاب شيء عن ذاته و اقتضائه فما هو المؤثر في المسببات أسبابها الخاصة و لا يؤثر في تأثيرها علم اللّه تعالى بها و كل ما في الكون على نظامه و برامجه: و اختيارية أفعال العباد و كلها على حالها الأصليّة لا يستند شيء منها إلى علم اللّه تعالى.
و ثانيا: علمه تعالى قد تعلق بصدورها عنه بالاختيار فلو صدر بغير الاختيار يلزم تخلف العلم عن المعلوم.
و بعد ذلك كله نقول: مسألة اختيار الإنسان و عدم كونه مجبورا فى أفعاله لا في المعاصي و لا في الطاعات من أبده البديهيات ثابت بالوجدان تدور عليه الشرائع و الأحكام و حسن إرسال الرسل و إنزال الكتب و نظام التمدن و عليه إجماع الملل و الامم. و أيضا البرهان قائم على علمه بالأشياء و أفعال العباد و ما يصدر عنهم من الكفر و الإيمان قبل وجودها. و شبهة العلم حيثية متفرعة على ما لا يمكن درك حقيقته لنا أي علم اللّه تعالى فلا يتم الاستدلال بها، لجواز كون تعلقه بالمعلوم على نحو لا يترتب عليه الفساد المذكور كما يقال بأنّه شبه الانفعال و إن لم نقل بذلك أيضا لأنّه من الكلام فى ذات اللّه تعالى و الإخبار عنها. و إن شئت فقل: إنها شبهة فى مقابل البديهة.-