لقد اختفى الإمام إذن، و الكتب القديمة، التي ظهرت في زمن الغيبة الصغرى، و كتاب الطوسي بعد ذلك لا تحدد لنا زمان الاختفاء و لا مكانه، و ليس لدى أهل السنة أيضا تفاصيل عن ذلك‌ [16] . لكننا نقرأ فيما بعد في كتب أهل السنة أن الشيعة كانوا يعتقدون أن الإمام الثاني عشر قد اختفى في سرداب سنة 266 أو 265 ه [17] . و تورد الكتب الشيعية المتأخرة الشي‌ء نفسه و تتحدث عن الصلوات و العادات، التي يؤديها الشيعة في السرداب في ذكرى اختفاء الإمام، و يحاولون أن يبرهنوا من خلال ذلك على أنه اختفى فيه‌ [18] . و لم يتحدث كتاب من كتب الشيعة في زمن الغيبة الصغرى أو الطوسي عن الاختفاء في ذلك السرداب. فمن أين إذن جاء إلى الشيعة هذا التقليد؟يجيب مؤلف كتاب «كشف الأستار» عن هذا السؤال بوضوح تام: يقدس الشيعة هذا السرداب، لأنه الجزء الوحيد الذي بقي من مسكن الإمام. و قد أساء السنيون تقديس الشيعة، عند ما ظنوا أن الشيعة يقصدون اختفاء الإمام هنا في هذا السرداب، و مع مرور الزمن انتقل سوء الفهم إلى رواية الشيعة أنفسهم‌ [19] . هناك إمكانيتان متقابلتان في هذا المسألة: إما أن فكرة اختفاء الإمام في السرداب انتقلت إل عقيدة الشيعة من طريق سوء فهم أهل السنة لهذا الأمر ، أو أن الشيعة كانت لهم هذه الفكرة من قبل، دون أن يتطرق إليها كاتب شيعي في ذلك الحين. و يبدو أنه من المناسب وضع قائمة زمنية لكتب السنة و الشيعة، التي تتضمن هذه الفكرة:

[16] الأشعري، ص 17، و ابن حزم، ، 181 و مؤلفين آخرين.

[17] ابن خلكان، ج 2، ص 571، و ابن خلدون المقدمة، ص 359، و يذكر بن خلدون أن ذلك السرداب في الحلة.

[18] لبيب السير، ج 2، ص 37، و جنة الخلود، الجدول 19، ثم تاريخ العلويين، ص 171.

[19] هبة الدين، رسالة خاصة.