فأوحى اللّه عز و جل إليه: «يا آدم، هذا و هؤلاء وسيلتك و وسيلة من أسعدت من خلقي. هؤلاء السابقون المقربون و الشافعون المشفّعون، و هذا أحمد سيدهم و سيد بريتي، اخترته بعلمي و اشتققت اسمه من اسمي، فأنا المحمود و هو محمد. و هذا صنوه [1] و وصيه، آزرته به و جعلت بركاتي و تطهيري في عقبه، و هذه سيدة إمائي و البقية في علمي من أحمد نبيي و هذان السبطان و الخلفان لهم و هذه الأعيان المضارع نورها أنوارهم بقية منهم، ألا إن كلا اصطفيت و طهّرت، و على كلّ باركت و ترحمّت. فكلا بعلمي جعلت قدوة عبادي و نور بلادي».
و نظر فإذا شيخ في آخرهم يزهر في ذلك الصفيح كما زهر كوكب الصبح لأهل الدنيا. فقال اللّه تبارك و تعالى: «و بعبدي هذا السعيد أفكّ عن عبادي الأغلال و أضع عنهم الآصار و أملأ أرضي به حنانا و رأفة و عدلا كما ملئت من قبله قسوة و قشعرية [2] و جورا».
قال آدم (عليه السلام): رب إن الكريم من كرّمت و إن الشريف من شرّفت، و حقّ- يا إلهي- لمن رفعت و أعليت أن يكون كذلك. فيا ذا النعم التي لا تنقطع و الإحسان الذي لا يجازى و لا ينفد، بم بلغ عبادك هؤلاء العالون هذه المنزلة من شرف عطائك و عظيم فضلك و حيائك و كذلك من كرّمت من عبادك المرسلين؟
قال اللّه تبارك و تعالى: «إني أنا اللّه، لا إله إلا أنا الرحمن الرحيم العزيز الحكيم، عالم الغيوب و مضمرات القلوب، أعلم ما لم يكن مما يكون كيف يكون، و ما يكون كيف لو كان يكون. و إني اطلعت يا عبدي في علمي على قلوب عبدي فلم أر فيهم أطوع لي و لا أنصح لخلقي من أنبيائي و رسلي. فجعلت لذلك فيهم روحي و كلمتي، و ألزمتهم عبء حجتي و اصطفيتهم على البرايا برسالتي و وحيي. ثم ألقيت بمكاناتهم تلك في منازلهم حوامّهم [3] و أوصيائهم من بعدهم ودائع حجتي و السادة في بريتي لأجبر بهم كسر عبادي و أقيم بهم أودهم. ذلك أني بهم و بقلوبهم لطيف خبير.