قال آدم: إلهي، من هؤلاء الرسل و من أحمد هذا، الذي رفعت و شرفت؟ قال: كلّ من ذريتك، و أحمد عاقبهم. قال: رب بما أنت باعثهم و مرسلهم؟ قال: بتوحيدي، ثم أقفي ذلك بثلاثمائة و ثلثين شريعة أنظمها و أكملها لأحمد جميعا. فأذنت لمن جاءني بشريعة منها مع الايمان بي و برسلي أن أدخله الجنة.
ثم ذكر ما جملته أن اللّه تعالى عرض على آدم معرفة الأنبياء (عليهم السلام) و ذريتهم، و نظرهم آدم ثم قال ما هذا لفظه:
ثم نظر آدم إلى نور قد لمع فسدّ الجوّ المنخرق [1] فأخذ بالمطالع من المشارق ثم سري كذلك حتى طبّق المغارب. ثمّ سما حتى بلغ ملكوت السماء فنظر فإذا هو نور محمد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و إذا الأكناف به قد تضوعت [2] طيبا و إذا أنوار أربعة قد اكتنفته عن يمينه و شماله و من خلفه و أمامه أشبه شيء به أرجا [3] و نورا، و يتلوها أنوار من بعدها تستمدّ منها، و إذا هي شبيه بها في ضيائها و عظمها و نشرها.
ثم دنت منها فتكلّلت عليها و حفّت بها، و نظر فإذا أنوار من بعد ذلك في مثل عدد الكواكب و دون منازل الأوائل جدا جدا، و بعض هذه أضوأ من بعض، و هي في ذلك متفارقة جدا.
ثم طلع عليه سواد كالليل و كالسيل ينسلون من كل وجهة و أوب. فأقبل كذلك حتى ملئوا القاع و الأكم [4]، فإذا هم أقبح شيء صورا و هيئة و أنتنه ريحا. فبهر آدم ما رأى من ذلك و قال: «يا عالم الغيوب و غافر الذنوب، و يا ذا القدرة الباهرة و المشيّة الغالبة، من هذا الخلق السعيد الذي كرّمت و رفعت على العالمين؟ و من هذه الأنوار المنيفة المكتنفة به»؟ [5]