و روي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نظر إلى معاوية يتبختر في بردة حبرة و ينظر إلى عطفيه فلعنه و قال: «أي يوم أسوأ لأمتي منك، و أي يوم أسوأ لذريتي من جرو يخرج من صلبك يتخذ آيات اللّه هزوا و يستحل من حرمتي ما حرّم اللّه عزّ و جلّ».
و عن أبي ذر أنه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: «ترد على الحوض أمتي على خمس رايات» و ذكر حديثا طويلا قال فيه: «ثم يرد فرعون في أتباعه، فآخذ بيده فإذا أخذتها اسودّ وجهه و رجفت قدماه و خفقت أحشاؤه و يفعل ذلك بأتباعه» ثم قال: «هو معاوية بن أبي سفيان.
فأقول: بما ذا خلفتموني في الثقلين بعدي؟
فيقولون كذّبنا الأكبر و مزّقناه و قاتلنا الأصغر و قتلناه.
فأقول: اسلكوا طريق أصحابكم.
فيصرفون ظمأ مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة» [1].
و من أجل هذا الحديث حلّ بأبي ذر ما حلّ به من النفي و التكذيب، على أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد أبانه بالصدق و شهد له به، لئلا يتهم في حديثه فقال: «ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر الغفاري» [2].
فرد قوم قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أبطلوا شهادته له، و نسب الكذب إليه و أريد قتله، ثم نفي إلى الربذة فمات بها منفيّا طريدا وحيدا رحمة اللّه عليه.
و قد روي أنه كان مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة تبوك لمّا تأخر عنه من تأخر من الناس، و كان على جمل رفيق له، فوقف به و بقي في آخر الناس فقيل: يا رسول اللّه هذا رجل بقي في آخر الناس.