فقال: «دعوه، فإن يكن فيه خير فسيأتيكم اللّه به، و إن لم يكن فيه خير فكفيتموه».
فلمّا لم يجد في جمله همّة نزل عنه و احتمل رحله، و أقبل يشتد حتى دنا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقيل: يا رسول اللّه هذا الرجل المتأخر قد دنى منّا.
فقال: «يكن أبا ذر».
فإذا هم قد ميّزوا فقالوا: هو و اللّه أبو ذر يا رسول اللّه.
فقال: «رحم اللّه أبا ذر، يمشي وحده و يموت وحده و يبعث وحده».
فلمّا احتضر بالربذة قال لأهله: إذا أنا متّ فأغسلوني و كفنوني وضعوني على الطريق، فإذا مرّ بكم أحد من المسلمين فعرّفوه بي ليدفنوني.
ففعلوا و مرّ بهم عبد اللّه بن مسعود في نفر معه فقالوا: معشر الركب إن رأيتم أن تدفنوا أخاكم أبا ذر فافعلوا.
فبكى ابن مسعود و ذكر قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «يموت وحده» و نزلوا فصلوا عليه و دفنوه [1].
و روي أيضا أن معاوية سمّ سعد بن أبي وقاص.
و قال مالك بن أنس فيما رواه عنه سعيد بن داود الزبيري: يقول الناس: ما أحلم معاوية.
و كيف يكون حليما من أرسل بسر بن أرطاة ما بينه و بين اليمن لا يسمع بأحد عنده خبر يخاف منه إلّا قتله، حتى إذا قتل الناس حلم عن الناس! ما كان بحليم و لا مبارك.
فهذا قول مالك بن أنس في معاوية و أصحابه، اليوم يرونه من أئمة المسلمين و ابنه يزيد، و يرون أن الحسين عليه السّلام خرج عليه غلوّا في الباطل و جهلا بالحق، و بغضة