ذكر نكت من أخبار بني أمية و من والاهم من قريش بعد الفتح
و ممّا يدل على أن إسلامهم لم يكن إلّا للخوف و التقية من القتل، و أنهم بقوا على اعتقاد الجاهلية و العداوة الأصلية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لأهل بيته صلوات اللّه عليهم، فقد تقدم من ذكر عداوة بني عبد شمس كافة لبني عبد مناف، و عداوة بني أمية خاصة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لأهل بيته، ما قد ذكر فيما تقدم من هذا الكتاب، و ذكر فيه أيضا ما استفزعوه من مناصبتهم له و محاربته و بذل مجهودهم في قتله و إطفاء نور اللّه عزّ و جلّ الذي أبى إلّا أن يتم نوره و لو كره الكافرون، و قطع دينه الذي أوجب إظهاره على الدين كله و لو كره المشركون، و ذكر إسلامهم و كيف كان لما أخذته الغلبة و أيقنوا بالهلكة و أحسوا قرع السيوف و رأوا أسباب الحتف، فأسلموا مستسلمين لا مسلمين و أسرّوا الكفر و العداوة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لأهل بيته و البغضة الذي كانوا عليها مجتمعين، فكانت ألسنتهم تظهر الإسلام للمسلمين، و أفعالهم تدل على ما هم عليه من الكفر معتقدين، و سنذكر طرفا من أخبارهم بمقدار ما تقدم شرط ذكره في هذا الكتاب.
[حقيقة إسلام أبي سفيان و معاوية]
فمنهم: أبو سفيان بن حرب بن أمية، و قد مرّ من ذكره و كيف كان إسلامه، ما دل على ما نريد ذكره ممّا يجري في هذا الباب، فما يؤثر عنه بعد إسلامه أنه قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوما و هو معه في بيت ابنته أم حبيبة يظهره أنه يمازحه: و اللّه إن هو إلا تركتك فتركتك العرب إن انتطحت جماء و لا ذات قرن.