القضايا التي يدرجها الطبري في تاريخه ، بل على ميدان معيّن من هذه الساحات .
الظواهر التي تدخل في نطاق سنن التاريخ :
الظواهرُ التي تتحكم فيها سنن التاريخ تحمل علامة جديدة غير موجودة في سائر الظواهر الكونية والطبيعية والبشرية . الظواهر الكونية الطبيعية كلها تحمل علاقة ظاهرةٍ بسبب ، علاقةَ مُسبّبٍ بسبب ، علاقةَ نتيجةٍ بمقدمات . هذه العلاقة موجودة في كل الظواهر الكونية والطبيعية . الغليانُ مثلا ظاهرة طبيعية مرتبطة بظروفٍ معيّنة ، بدرجةِ حرارةٍ معيّنةٍ ، بدرجة معيّنة من قُرب السائل من مصدر الحرارة . هذا الارتباط هو ارتباط المسبّب بالسبب والعلاقةُ هنا سبّبية ، إنّها علاقة الحاضر بالماضي وبالظروف المسبقة المنجزة .
وهناك ظواهر على الساحة التاريخية تحمل علاقةً من نمط آخر ، وهي علاقةُ ظاهرةٍ بهدف ، علاقةُ نشاط بغاية أو ما يسمّيه الفلاسفة بالعلّة الغائية تمييزاً عن العلّة الفاعلية . غليانُ الماء بالحرارة يحمل علاقة مع سببه . مع ماضيه ، لكنّه لا يحمل علاقةً مع غاية وهدف ما لم يتحول إلى فعل إنساني وجهدٍ بشري ، بينما العلم الإنساني الهادف يحتوي على علاقةٍ ، لا فقط مع السبب والماضي بل مع الغاية غير الموجودة حين إنجاز هذا العمل ، وإنّما يُترقّب وجودُها في المستقبل .
العلاقة هنا إذن مع المستقبل لا مع الماضي . الغاية تمثل دائماً المستقبل بالنسبة إلى العمل ، بينما السبب يمثّل الماضي بالنسبة إلى هذا العمل .
العلاقةُ التي يتميّز بها العمل التاريخي ، أي العمل الذي تحكمه سنن التاريخ ، هو إنّه عمل هادف يرتبط بعلة غائيّة سواء كانت هذه