جزءاً من هذه الحوادث والقضايا هو الذي تحكمه سنن التاريخ . هناك حوادث لا تنطبق عليها سنن التاريخ بل تنطبق عليها القوانين الفيزيائية أو الفسلجية أو قوانين الحياة أو قوانين أُخرى لمختلف الساحات الكنونية الأُخرى .
موتُ أبي طالب ، وموتُ خديجة في سنة معينة حادثة تاريخية هامة تدخل في نطاق ضبط المؤرخين ، وهي حادثة ذاتُ بعد في التاريخ ترتّبت عليها آثار كثيرة ، ولكنّها لا تحكمها سنّة تاريخية بل تحكمها قوانين فسلجية وحياتية فرضت أن يموت أبو طالب وأن تموت خديجة ( عليها السلام ) في ذلك الوقت المحدّد . وهذه القوانين الفسلجية والحياتية هي التي اقتضت أيضاً أن يمتّد العمر بالخليفة الثالث عثمان بن عفّان إلى أن يُقتل من قِبل الثائرين عليه من المسلمين . ولو قُدر لهذا الخليفة أن يموت موتاً طبيعياً وفقاً لقوانينه الفسلجية قَبل يوم الثورة . لكان من الممكن أن تتغيّر كثير من ملامح التاريخ . كان من المحتمل أن يأتي الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى الخلافة ، بدون تناقضات وبدون ضجيج وبدون خلاف . امتداد عمر عُثمان إلى مقتله حادثة ، أي إنّها تدخل في اهتمامات المؤرّخين ولها بُعد تاريخي أيضاً ، ولعبت دوراً سلبياً أو إيجابياً في تكييف الأحداث التاريخية الأُخرى ، ولكنّها لا تتحكّم فيها سنن التاريخ ، بل يتحكّم فيها قوانين بُنية جسم عثمان ، وقوانين الحياة التي أعطته عمراً ناهز الثمانين ، مواقفُ عثمان بن عفّان ، وتصرّفاته الاجتماعية تدخل في نطاق سنن التاريخ ، لكنّ طول عمره مسألة حياتية أو فسلجية أو فيزيائية لا تتحكّم فيها سنن التاريخ .
سننُ التاريخ إذن لا تتحكّم على كلّ الساحة التاريخية ، وعلى كل