كان عبد المُطَّلب في إحدى الليالي إلى جانب الكعبة ، بالقُرب مِن الحَجر الأسود ، فرأى حُلْماً بَدَّاً عَجيباً بنظره ، فسيطر عليه الخوف والهلع ؛ فذهب إلى أحد مُفسِّري الأحلام ، وأخبره بما رآه في المنام ، وقال : رأيت في المنام أنَّ شجرة نبتت في ظهري ، امتدَّت أغصانها إلى عِنان السماء ، وغطَّت أوراقها وأغصانها الشرق والغرب ، ثمَّ رأيت نوراً ينبعث مِن تلك الشجرة ، وهو أكثر بريقاً مِن نور الشمس وضوئها ، ورأيت الناس مِن العرب والعَجم يسجدون لهذه الشجرة ، وكلُّ يوم كان يمرُّ كانت هذه الشجرة تزداد نوراً ، ورأيت أنَّ جماعة مِن قريش جاءت لكي تجتثُّ تلك الشجرة ، وتقتلعها مِن جذورها ، ولكنْ كلَّما اقتربوا مِن تلك الشجرة بهدف الإساءة إليها ، كان يظهر شابٌّ حَسَن الملبس والمظهر ، فيصدُّهم عنها ، ويقصم ظهورهم ، ويقتلع عيونهم ، وقد مدْدْت يدي لكي آخذ غِصناً مِن أغصانها ؛ فصاح بي الشابُّ الوسيم قائلاً : أنْ أيضاً ليس لك نصيب مِن هذه الشجرة ، فقلت له : ومَن هم الذين لهم نصيب منها ؟
فقال : إنَّ هذه الشجرة هي مِلك للذين يتمسَّكون بها ، ويُمسكون بأغصانها ؛ فتغيَّر وجه الشخص الذي كان يستمع إلى هذه الرؤيا مِن عبد المُطَّلب واضطربت أحواله .
ثمَّ قال : لئِن صدقت ، ليخرجَنَّ مِن صُلْبك وَلد يَمْلك الشرق والغرب ، ويُنبِّأ في الناس ... وكان أبو طالب يُحدِّث بهذا الحديث ، والنبي قد خرج ويقول : كانت الشجرة ـ والله ـ أبا القاسم الأمين .
ووفقاً لما قاله الشخص ، الذي فسَّر هذه الرؤيا ، فإنَّ الرؤيا المذكورة تتضمَّن مجموعة مِن الأنباء الغيبيَّة ، بدأت تتحقَّق بصورة تدريجيَّة بعد ذلك بعشرات السنين ، ففي بداية الأمر يُرزَق عبد المُطَّلب بولدٍ .