وليس من شك أنّ هذا سد لباب الولاية بالإسمنت المسلح ، لا بالحجر والطين فقط ، هذا إلى أنّ العدالة وسيلة للحفظ والغبطة ، وليست غاية في نفسها ، وإن دلّ شرط العدالة على شيء فإنّما يدلّ على أنّها كانت غير نادرة في المجتمع الذي عاش فيه مَن اعتبرها واشترطها .
واتفقوا على أنّ تصرفات الولي التي تكون خيراً ونفعاً للمولَّى عليه تنفذ ، وإنّ الضارة منها لا تنفذ . واختلفوا فيما لا نفع فيها ولا ضرر من التصرفات ، قال فريق من الإمامية : تنفذ إذا كانت من الأب والجد فقط ؛ لأنّ الشرط في تصرفهما عدم المفسدة لا وجود المصلحة ، أمّا الحاكم والوصي فمقيد بالمصلحة ، بل قال بعضهم : ينفذ تصرّف الأب مع المفسدة والمضرة على الطفل [1] .
وقال غير الإمامية : لا فرق بين الأب والجد والحاكم والوصي من أنّ تصرّف الجميع لا ينفذ إلاّ فيما فيه الغبطة والمصلحة ، وعلى هذا كثير من الإمامية .
وعليه يجوز للولي أن يتّجر بمال الصبي والمجنون والسفيه ، أو يعطيه لمن يتّجر به ، وأن يشتري له عقاراً ، أو يبيع من ماله أو يقرضه ، كل ذلك وما إليه بشرط المصلحة والنصيحة ، وتنحصر المصلحة في القرض بالخوف على المال من الضياع .
ومن المفيد أن ننقل طرفاً من الفروع التي ذكرها الفقيه الإمامي الكبير العلاّمة الحلّي في التذكرة باب الحجر :
[1] قال النائيني في تقريرات الخونساري ج1 ص324 طبعة 1357ﻫ : ( الحق ثبوت الولاية للأب ، ولو مع المفسدة والمضرة للطفل ) . ولكنّ المقرّر الخونساري نقل عن أستاذه النائيني العدول عن هذا الرأي بعد أن جزم به .