وقد جاء في كتاب الجواهر ـ وهو أهم كتاب وأوثق مصدر لفقه الإمامية ـ ما نصه بالحرف الواحد : ( الوقف إذا تم زال ملك الواقف عند الأكثر ، بل عن المشهور ، بل في محكي الغنية والسرائر الإجماع عليه ) .
وبعد أن اتفق الإمامية كلهم أو جلهم على زوال الملك عن الواقف ، اختلفوا في أنّ العين هل يرتفع عنها وصف الملكية كلّية ، بحيث لا تكون على ملك الواقف ولا الموقوف إليهم ، وهو المعبّر عنه في لسانهم بفك الملك ، أو أنّها تنتقل من الواقف إلى الموقوف إليهم ؟
ذهب جماعة منهم إلى التفصيل بين الوقف العام ـ كالمساجد والمدارس والمصاح وما إليها ـ وبين الوقف الخاص ، كالوقف على الذرية ، فما كان من النوع الأوّل فهو فك ملك ، وما كان من النوع الثاني ينتقل من ملك الواقف إلى ملك الموقوف إليه .
وتظهر فائدة الخلاف في ملكية العين الموقوفة ـ تظهر ـ في جواز البيع وعدمه ، وفيما لو وقف العين إلى أمد ، أو انقرضت الجهة الموقوف إليها ، فبناء على قول المالكية من بقاء العين على ملك الواقف يجوز البيع ، وتعود العين إلى الواقف بعد انتهاء الأمد ، أو انقراض الجهة . وبناء على انتفاء الملكية بالمرة عن العين لا يجوز البيع ؛ لأنّه لا بيع إلاّ في ملك ، ويبطل الوقف المحدود . وبناء على انتقالها إلى ملك الموقوف إليه لا تعود إلى الواقف . وتُعرَف النتيجة بجلاءٍ من المسائل التي سنعرضها ، ولذا ينبغي أن نكون على معرفة من هذا الخلاف ؛ لأنّه يلقي ضوءاً على كثير من مسائل الوقف .
أركان الوقف :
أركان الوقف أربعة : الصيغة ، والواقف ، والعين الموقوفة ، والموقوف عليه .