اتفق الكل على أنّ الوقف يتحقق بلفظ ( وقفتُ ) ؛ لأنّه يدلّ على الوقف صراحة وبدون قرينة ، لغة وشرعاً وعرفاً ، واختلفوا في تحققه بلفظ ( حبستُ ، وسبلتُ ، وأبّدتُ ) وما إلى ذاك ، وأطالوا الكلام بدون طائل .
والحقّ أنّه يقع ويتم بكل لفظ يدلّ عليه ، حتى باللغة الأجنبية ؛ لأنّ الألفاظ ـ هنا ـ وسيلة للتعبير ، وليست غاية في نفسها [1] .
المعاطاة :
هل يتم الوقف بالفعل ، كما لو بنى مسجداً وأذّن للصلاة فيه ، أو أذِن بالدفن في قطعة أرضٍ بنية وقفها مقبرة ، دون أن يقول : وقفتُ وحبستُ ، وما أشبه ، أو لا بدّ من النطق ، ولا يكفي مجرد الفعل ؟
قال الحنفية والمالكية والحنابلة : يكفي مجرد الفعل ، وتصير العين وقفاً به . ( المغني لابن قدامة ج5 باب الوقف ، وشرح الزرقاني على مختصر أبي ضياء ج7 باب الوقف ) .
وعلى هذا القول جماعة من كبار الإمامية ، منهم السيد اليزدي في
[1] أمّا القائلون : إنّ الوقف لا يقع إلاّ بلفظ معيّن ، فيتلخص دليلهم بأنّ الأصل بقاء الملك لمالكه ، أي أنّ العين قبل التلفظ كانت على ملك المالك ، وبعده نشك في انتقالها عنه ، فنستصحب بقاء الملك . ويلاحظ بأنّ هذا يتم لو شككنا في أنّ المالك هل أراد الوقف أم لا ؟ أو علمنا بأنّه أراد قطعاً ، ولكن شككنا في أنّه هل أنشأه وأوجد سببه ؟ أمّا إذا قطعنا بأنّه أراد الوقف ، وأيضاً قطعنا بأنّه أتى بما يدلّ عليه فلا يبقى مجال للتشكيك والحال هذه ، وإن حصل التشكيك فهو وهم لا أثر له ، اللهم إلاّ إذا رجع الشك إلى سببية الصيغة وتأثيرها من الوجهة الشرعية .