من التصرف في المرهون ، والممنوع شرعاً كالممنوع عقلاً [1] .
وبعد التجهيز يبدأ بوفاء الدين ، سواء أكان للناس ، أم لله ، كالخمس والزكاة والكفارات ورد المظالم [2] وحجة الإسلام ، وما إلى ذلك من الحقوق المالية الإلهية وغير الإلهية ، فإنّها جميعاً في مرتبة واحدة ، فإذا لم يفِ المال وزِّع على الجميع بالنسبة تماماً كغرماء المفلس [3] ، ولا يُستثنى من ذلك إلاّ الخمس والزكاة إذا تعلقا بعين النصاب الموجودة بالفعل ، فيقدمان ـ والحال هذه ـ على غيرهما ، أمّا إذا كانا في الذمة فحالهما كحال سائر الديون .
وتتفق المذاهب الأربعة مع الإمامية على أنّ التجهيز يقدّم على الديون التي تتعلق بالتركة قبل الوفاة ، ثمّ اختلف الأربعة فيما بينهم في تقديم التجهيز على الديون المتعلقة بالتركة ، كالعين التي رهنها المالك قبل موته ، قال الحنفية والمالكية والشافعية : إنّ الحقوق المتعلقة بأعيان التركة تُقدّم على التجهيز . ( حاشية الباجوري على شرح ابن قاسم ج1 فصل الميت ، وأبو زهرة الميراث عند الجعفرية ص40 طبعة 1955 ) .
[1] هذا دليل السيد الحكيم في المستمسك باب كفن الميت . وقال الشيخ محمد أبو زهرة في كتاب ( الميراث عند الجعفرية ) : ( يظهر في هذه الحال أنّ حق الدائنين حق عيني يسبق كل الحقوق ) ، ينسب الشيخ بعبارته هذه إلى الإمامية الاتفاق على تقديم حق الرهانة على التجهيز ، مع أنّ المسألة خلافية بينهم ، ولا شهرة لأحد القولين حتى تصحّ نسبة الاتفاق .
[2] تفترق أموال المظالم عن المغصوب : إنّ المظالم أن يختلط المال الحرام بغيره ولا يمكن تمييزه مع الجهل بصاحبه ، والمغصوب معلوم مالكه . وتفترق المظالم عن مجهول المالك : إنّ مجهول المالك لا يُشترط فيه الجهل بالمال والاختلاط بالغير ، وحكم المظالم التصدق بها عن صاحبها بعد اليأس من معرفته .
[3] قال السيد الحكيم في الجزء السابع من مستمسك العروة مسألة 83 : ( هذا ـ أي التوزيع بالنسبة ـ هو المعروف بيننا ، وتقتضيه قاعدة الترجيح بلا مرجح ) ، وقول الرسول : ( دين الله أحق أن يُقضى ) لا يراد منه التفضيل ، بل مجرد البيان بأنّ حق الله يجب قضاؤه ولا يجوز إهماله .