و يؤيد ذلك اختلاف الأخبار في ترتب الثواب و الأجر على من أذّن و أقام، و أنه يصلي خلفه صفان من الملائكة.
رابعها: هو قيام الشهرة على القول بالاستحباب فيهما مطلقا، و هي أقوى قرينة على عدم ظهور تلك الأخبار في الوجوب، أو أنها تكشف عن القرينة الدالة على الاستحباب، و إلاّ لما صار جلّ الأصحاب إليه مع كون هذه الأخبار بمسمع منهم و مرأى.
هذا زبدة ما يقال في المقام و خلاصته، و لكنه لا يكاد يتم شيء منها:
أما الأول، فلأنّ التراكيب المأخوذة فيها مادة الإجزاء و أساليبها على نحو لو ألقيت إلى العرف لا يفهمون منها إلاّ وجوب التكليف الذي أقل ما يجزيه هو الإقامة، و ما ذكر في المقام إنما هو تطبيق الدليل على ما ارتكز في الذهن من ذهاب الأكثر إلى الاستحباب لا أخذ الحكم منه، و إلاّ لو خلي الذهن عن هذا الارتكاز لما فهم منها إلاّ الوجوب.
و أما الثاني، فهو على اللزوم و الحتم أدلّ؛ لأنّ المركب الذي هو مفاد كان الناقصة ظاهرة في اللزوم و الأبدية، و بعبارة أخرى ظاهر في لزوم شيء في شيء بحسب العرف؛ بداهة أنّ الظاهر من قوله عليه السّلام: لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد، و لا صلاة إلاّ بإقامة، و نحو ذلك من التراكيب المشتملة على اللاء المركب، هو لزوم وقوع صلاة جار المسجد في المسجد، و لزوم الاتيان بالإقامة معها، و أنه لا بد منه، إلاّ أن يأتي دليل آخر يستوجب رفع اليد عن هذا الظهور.