responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 90

و عنها: كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) إذا قيل له: إن فلانا وجع لا يطعم الطعام، قال: «عليكم بالتلبينة فحسوه إياها»، و يقول: «و الذي نفسي بيده إنها تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ» [1]

التلبين: هو الحساء الرقيق الذي هو في قوام اللبن، و منه اشتق اسمه، قال الهروي: سميت تلبينة لشبهها باللبن لبياضها و رقتها، و هذا الغذاء هو النافع للعليل، و هو الرقيق النضيج لا الغليظ الني‌ء، و إذا شئت أن تعرف فضل التلبينة، فاعرف فضل ماء الشعير، بل هي ماء الشعير لهم، فإنها حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته، و الفرق بينها و بين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحا، و التلبينة تطبخ من مطحونا، و هي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن، و قد تقدم أن للعادات تأثيرا في الانتفاع بالأدوية و الأغذية، و كانت عادة القوم أن يتخذوا ماء الشعير منه مطحونا لا صحاحا، و هو أكثر تغذية، و أقوى فعلا، و أعظم جلاء، و إنما اتخذه أطباء المدن منه صحاحا ليكون أرق و ألطف، فلا يثقل على طبيعة المريض، و هذا بحسب طبائع أهل المدن و رخاوتها، و ثقل ماء الشعير المطحون عليها. و المقصود:

أن ماء الشعير مطبوخا صحاحا ينفذ سريعا، و يجلو جلاء ظاهرا، و يغذي غذاء لطيفا. و إذا شرب حارا كان جلاؤه أقوى، و نفوذه أسرع، و إنماؤه للحرارة الغريزية أكثر، و تلميسه لسطوح المعدة أوفق.

و قوله (صلى اللّه عليه و سلم) فيها: «مجمة لفؤاد المريض» يروى بوجهين. بفتح الميم و الجيم، و بضم الميم، و كسر الجيم، و الأول: أشهر، و معناه: أنها مريحة له، أي: تريحه و تسكنه من الإجمام، و هو الراحة. و قوله: «تذهب ببعض الحزن»، هذا- و اللّه أعلم- لأن الغم و الحزن يبردان المزاج، و يضعفان الحرارة الغريزية لميل الروح الحامل لها إلى جهة القلب الذي هو منشؤها، و هذا الحساء يقوي الحرارة الغريزية بزيادته في مادتها، فتزيل أكثر ما عرض له من الغم و الحزن.

و قد يقال- و هو أقرب-: إنها تذهب ببعض الحزن بخاصية فيها من جنس خواص الأغذية المفرحة، فإن من الأغذية ما يفرح بالخاصية، و اللّه أعلم.

و قد يقال: إن قوى الحزين تضعف باستيلاء اليبس على أعضائه، و على‌


[1] أخرجه الإمام أحمد

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست